الصيام من العبادات التي تحتاج إلى الصبر لتحمل مشقته خاصةً إذا تصادف موعد شهر رمضان مع الصيف، وهو ما حدث مع الفنانة الراحلة مديحة يسري سنة 1956، خلال تصوير فيلم «أرض الأحلام» في شهر رمضان من ذلك العام إذ تزامن مع شهر أغسطس، وزاد الأمر صعوبة تحديد موقع التصوير داخل محافظة أسوان في جنوب مصر المعروف عن مناخها الحر الشديد طوال الصيف.
تصوير في ظروف صعبة
أرض الأحلام هو أول فيلم ملون في مصر يستخدم تقنية التصوير «سكوب» حسب حديث الفنانة مديحة يسري في برنامج ذكريات رمضان من تقديم الإعلامية سوزان حسن، «كان أول فيلم يصوره وجيد سري بعد عودته من أمريكا، وكان التصوير في أسوان خلال شهر رمضان، فأهل أسوان قالولنا مستحيل تصوموا في الجو ده لكني أصريت على الصيام لآخر الشهر».
موقف اعتبرته مديحة يسري علامة إلهية
في يوم من أيام تصوير الفيلم شعر أفراد من طاقم العمل بمزيج من الغضب وخيبة الأمل، لدى انزلاق حامل الكاميرا الرئيسية داخل شط النيل وقرار المصور وجيد سري بضرورة العودة إلى القاهرة لتنظيف عدسة الكاميرا وإصلاحها على إثر الحادث المفاجئ، الأمر الذي جعل فريق الإنتاج يتبرم من زيادة تكاليف العمل الفني ويسخط على المصور الذي لم يثبت الكاميرا بشكل جيد على شاطئ النيل من البداية، إلا أن الفنانة مديحة يسري كان لها رد فعل مختلف تماما، «اعتبرت الموقف إشارة من ربنا وبقيت أقول ليهم ده ربنا أراد إننا نحترم شهر رمضان ونقعد نتعبد ونقرأ قرآن فيه ونصلي، انتو زعلانين ليه ده ربنا بيقولنا في رمضان فيه هدوء وبلاش شدة الشغل دي».
نجت من الموت بأعجوبة
لم تتنتهِ المواقف الغريبة في تصوير فيلم «أرض الأحلام» عند هذا الحد وإنما حدث ما هو أغرب وأكثر حدة في أثناء تصوير مشهد النهاية إذ يطارد الفنان فريد شوقي، بطلة العمل الفنانة مديحة يسري وهي تقود «لانش» في النيل، فتروي أن قائده الحقيقي كان مغطى بالوسائد لتظهر أنها من تقوم بقيادته وخلال التصوير تعرض «اللانش» لدوامة أفقدته توازنه مع عدم تمكن القائد الحقيقي من إنقاذ الموقف والسيطرة على المركبة، فهتفت «يسري» مستغيثةً بربها وهي صائمة حتى نجت بأعجوبة من الاصطدام بصخرة كبيرة: «ربنا نجاني من الموت».