على «قُفة» مصنوعة من سعف النخيل متصلة بأحبال سميكة ومعدة للنزول إلى الاكتشافات الأثرية، هبط أحمد عماد لمسافة تزيد على عمق 12 مترا تحت الأرض واضعا كشافا صغيرا على جبهته للاطلاع على محتويات مقبرة فرعونية تعود للكاهن «وح تي» – مفتش القصر أو المركب المقدس- وغرف دفن تحتوي على 26 تمثالا منحوتا في الصخر وتوابيت خشبية وأدوات ما زالت محتفظة بها ودقة النحت «كأنها منقوشة امبارح»، في رحلة فريدة سمحت فيها وزارة السياحة والآثار للمرة الأولى لغير المتخصصين النزول للاكتشافات الأثرية، ضمن حملاتها للترويج للمقصد المصري.
داخل المقبرة الفرعونية المكتشفة حديثاً بمنطقة الحفائر في سقارة، تلك المنطقة التي بدأ الحفر فيها عام 2018 بتمويل وبعثة مصرية، عاد الزمن بـ«عماد» إلى الوراء نحو 2600 عام هي العمر التقريبي للمقبرة، عاش فيها للحظات أيام المصريين القدماء من خلال الأدوات المكتشفة والتفاصيل التي ترويها غرفة الدفن، فتحولت الصورة الذهنية التي اكتسبها «عماد» عن الأجداد من دراسته بقسم الإرشاد السياحي في كلية الآداب إلى واقع، فيقول لـ«»: «تجربة مهمة جدا وإحساس جميل إن الواحد ينزل مقبرة بطريقة الأثرين والأكسجين قليل والتوابيت لسه موجودة في مكانها»، وكانت بالنسبة له تدريبا عمليا: «عندي خلفية عن الآثار المكتشفة والتعامل معها وكان نفسي أعيش الإحساس ده واحضر التجربة والوزارة حققت حلمي».
الآثار المكتشفة تمر بـ3 مراحل لإعدادها ووضعها في المتاحف
خلال هذه المغامرة تعرف «عماد» علي كيفية التعامل مع الآثار المكتشفة حديثا بشكل علمي، إذ شرح لهم الدكتور مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للأثار التعامل مع الاكتشافات الأثرية بداية من العثور عليها إلى نقلها للمتاحف للعرض على الجمهور والزوار، موضحا أنها تمر بثلاث مراحل، يفتح خلالها عمال الحفائر المقبرة وإخراج «الرديم»، ثم ينقب المفتشون عن القطع الأثرية وبالتوازي معهم يقوم المرممون بترميم تلك القطع داخل المقبرة نفسها، «بيعملوا لها إسعافات أولية وأقلمة وتقوية لتلائم البيئة المحيطة بها»، نظرا لأن الأدوات المكتشفة يحدث لها صدمة حينما تتعرض للهواء، ثم يتابعون عملية الترميم مرة أخرى بعد رفع الأثار للموقع والمعمل الميداني المعد مسبقاً، وتُنقل إلى المعمل الرئيسي لعمل ترميم شامل لها استعداداً لوضعها في المتاحف الموجودة في كافة أنحاء الجمهورية.
المقبرة عمرها 2600 سنة
كانت تلك المقبرة التي عثر بداخلها على العديد من الاكتشافات مخصصة لشخص واحد، لكن مع زيادة الأعداد اضطر مسؤول الجبانة أن يؤسس غرفا جانبية، وفقاً لما ذكره «وزيري» خلال الجولة قائلاً: «المكان فيه توابيت خشبية كتير ملونة وجميلة عمرها التقريبي 2600 سنة»، موضحا أن المقبرة مكتشفة من فترة بسيطة ومازالت أعمال التنقيب مستمرة لمدة عام للكشف عن محتوياتها بالكامل.
يمتهن أحمد عماد، صاحب الـ28 عاما، التصوير ويتخذ منه وسيلة للترويج للأماكن السياحية والأثرية بطريقته الخاصة، إذ شارك الجمهور صورة أرفقها بمحتوى يشرح تفاصيل تلك الأماكن وكيفية الاستمتاع بها، خاصة الأماكن غير المشهورة كوسيلة للدعاية لها: «سافرت وشوفت أماكن جميلة ففكرت أصورها وأخلي الناس تستمتع بجمالها».
وحصل «عماد» على العديد من الجزائز من داخل مصر وخارجها وهو ما جعله حاضراً في الفعاليات السياحية التي تستهدف الترويج للمقصد المصري، إذ شارك في مؤتمر اليوم العالمي للسياحة وجولة بحرية بصحبة وزير السياحة والآثار تحدث معهم خلالها عن رغبه في اطلاعهم على الاكتشافات الأثرية وحينها تم تحديد موعد مناسب، وتمت زيارة المقبرة عقب الرحلة بأسبوع «العمال كانوا شغالين فيها ولسه فيها اكتشافات».