في حي الباطنية بالقرب من جامع الأزهر في القاهرة، هناك عدد كبير من الورش تعمل في حرفة الصدف، بدءًا من نجارة أشكال كثيرة من الصدف وصولًا إلى صنفرتها وتلميعها، حتى تُصبح بشكلها النهائي المتعارف عليه وهو علب الخواتم والمناديل والمصاحف والطاولة والشطرنج، وكذلك المبخرة والصواني والأنتريهات وغيرها من أدوات المعيشة.
الخشب بداية رحلة الصدف
اندمج أسامة حمادة، الذي يبلغ من العمر 45 عامًا، في صنع قطع عدة من الخشب، بورشته الصغيرة في منطقة الباطنية، ويروي لـ«» بداية رحلته مع «حرفة الصدف» لتكون البذرة الأولى له في المهنة، التي استمر عليها نحو 35 عامًا، إذ ورثها عن والده، وبعد أن كان يزور والده في المحل صغيرًا، أصبح يقف ليصنع علبًا مختلفة الأحجام للخواتم والمبخرة وغيرها: «مفيش صعوبات في المهنة، دي هوايتي وشغلي ولقمة عيشي».
وتسير صناعة الصدف إلى وجهتها الثانية في ورشة أخرى في منطقة الباطنية، وتضم الورشة 4 أشخاص يعكفون على المهمة الثانية للصدف، تبدأ من أحمد صبري، البالغ من العمر 53 عامًا، الذي خطى في المهنة منذ 40 عامًا، ليضع لمساته السحرية على القطع الخشبية برسم أشكال متنوعة بالقلم الرصاص، وتسمى هذه المرحلة بـ«التحليق»، وفيها يتم وضع الخامات الأولى من الحمصي الملون بالأسود والأبيض بمحاذاة القطعة الخشبية، ويوضح الرجل الخسميني: «القطعة الخشبية بتلف عليا أنا وتلاتة من زمايلي بتبدأ بيا أنا، بتأهيل القطعة للمرحلة اللي بعديا وهى تقطيع الصدف إلى أجزاء صغيرة».
عقبات حرفة الصدف
ويصل الصدف إلى مرحلة «التقطيع» لدى محمد فاروق، صاحب الـ47 عامًا، يقطعها إلى أجزاء صغيرة بحسب المقاسات التي تتناسب مع رسمة «أحمد» في مرحلة «التحليق»، وتذهب القطعة إلى الثنائي محمود أحمد وعادل أحمد، اللذين يبلغان من العمر 53 و40 عامًا، يدققان في زخرفة القطع الصغيرة بأماكنها، فيما تسمى بمرحلة «التطعيم» فجميعهم كرسوا حياتهم لتلك المهنة، على الرغم من الاندثار الذي يُلاحقها: «الجيل الجديد مش بيدخل المهنة دي مفيش نقابة ليها ولا تأمينات، ودا مصدر رزقنا الوحيد»، بحسب ما أوضحه «أحمد».
«الصنفرة والتلميع»، المرحلة الرابعة وهي مهمة مدحت مصطفى، الذي يبلغ من العمر 40 عامًا، وكان يذهب مع والده منذ الصغر فورث منه شغفه وحبه للحرفة، وبدأ «مدحت» بعمر 12 عامًا تقريبًا، ويحكي لـ«»: «بمعجن القطع الخشبية وأصنفرها وألمعها وبكده تكون جاهزة للتنجيد، عشان ناس تقدر تستعملها، والـ50 قطعة بتاخد مني أسبوع عشان أصنفرها، وبعمل علب الخواتم بمختلف مقاساتها حتى 50 و70 سنتمترا».