لم تعهد الراحة يومًا، ظلت لسنوات تعمل وتكافح حتى تقدم بها العمر ولكن لم تكن الظروف على ما يرام لتقرر «الست محمد البسيوني»، 70 عامًا، من منطقة باب الشعرية، أن تستمر في العمل؛ كي توفر لنفسها مصدر دخل يضمن لها الأمان، فهي لا تريد أن تصبح عالة على أحد.
كفاح بدأ من الطفولة
تقدم بها العمر وأكل منها الدهر وشرب، شاب الشعر وظهرت تجاعيد الوجه وهي تحارب الزمن: «طول ما أنا فيا نفس هفضل أجرى وأعافر أنا شقيت واتعذبت في حياتي كتير، وماقصرتش مع ولادي الأربعة، واشتغلت كل حاجة ولما مابقتش قادرة أمشي قلت أقعد في مكان أبيع ساندوتشات وخلاص، خصوصًا إني كنت اتعلمت الشغلانة دي من جوزي».
رحلة كفاح «أم أحمد» بدأت منذ نعومة أظافرها عندما تركت الدراسة وهي لا زالت في الصف السادس الابتدائى، وقررت أن تذهب للعمل في عيادة خاصة كي تنفق على أخواتها، ليراها طبيبا سعوديا ويطلب منها أن تسافر معه للعمل داخل المملكة العربية السعودية: «سافرت السعودية في عز شبابي اشتغلت هناك 5 سنين وبعد كده اتجوزت وماحصلش نصيب وخلفت بنت، وبعدين اتجوزت تاني، وتوفي من 9 سنين، كان طيب ومحترم وواقف معايا، كان بيعمل سندوتشات علشان العيشة كانت غالية لحد ما مات وسابني لوحدي».
الآن وبعد تلك السنوات لم يعد لها أحد لازالت تعاني الوحدة، على الرغم من وجود 4 أبناء لها، تمكنت من تزويج ابنتين: «محدش بيسأل عني من بناتي رغم أني تعبت في تربيتهم، مفيش إلا ابنى أحمد بيساعدني، بس أنا تعبت ونفسي أرتاح والله، مابقدرش أمشي علي رجليا بشاور علي شاب معاه موتوسيكل ياخدني معاه لحد المحل».
تبيع «الست» سندوتشات كبدة ولحوم بعدما كانت تبيع منتجات وأدوات منزلية داخل المحل الخاص بها، الذي يفتقر إلى الإمكانيات اللازمة للبيع ولكنها تكافح حتي تظل تعمل: «بحلم ييجي يوم وأعرف طعم الراحة أنا ابني بيقف معايا مابيسبنيش لوحدي».