رغوة بيضاء رقيقة تحتوي على ملايين الفقاعات عاودت الظهور مرة أخرى على شواطئ بورسعيد خلال الساعات القليلة الماضية، في ظاهرة لم يعتدها المصطافين تعرف بـ«زبد البحر»، تتكون نتيجة بعض الظواهر الطبيعية والكيميائية التي تحدث في مياه البحر، كما يُعتقد أن زبد البحر ينتج عن كثرة الشوائب المكونة في الماء.
سبب تكرار ظاهرة زبد البحر
وقال الدكتور محمود عبدالراضي دار، أستاذ البيئة البحرية بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد بالبحر الأحمر، إنّ الأصل في ظاهرة زبد البحر أنّها طبيعية تحدث نتيجة حركة الموج على سطح المياه مع وجود الملوحة العالية على سطح البحر أي أنّها لا تحدث على الأنهار، فـ أي مكان يشهد انكسار للموج يُلاحظ تكون زبد البحر باللون الأبيض.
وتكرار ظاهرة زبد البحر في بورسعيد وغيرها من السواحل سببه دخول كمية كبيرة من المياه المحملة بالأملاح المغذية داخل البحر المتوسط قد تكون ناتجة عن بوغاز المنزلة بحسب أستاذ البيئة البحرية بمعهد العلوم البحار، فـ بعد تكريت بحيرة المنزلة، دخلت كميات هائلة من المياه إلى البحر المتوسط، وهو ما أدّى إلى نمو نوع من الطحالب الدقيقة الخضراء وهي عبارة عن كائنات أولية تحتوي على بلاستيدات خضراء تعتمد على ضوء الشمس والأملاح المغذية الذائبة في المياه ما جعلها تنمو وتتكاثر بكميات كبيرة.
وأوضح «دار» أنّ دورة حياة هذه الكائنات الأولية صغيرة للغاية، وبالتالي تموت وتترسب، ثم تتحلل وتتصاعد منها بعض الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان التي تعطي رغوة باللون الرمادي، والتي كوّنت مع ريم البحر هذا اللون الغامق المائل للاخضرار الذي ظهر على سطح المياه، ومن المقرر أن تكرر هذه الظاهرة طالما استمر تكرار الموج بسرعة: «فيه حاجات بتتحكم في زبد البحر منها سرعة تتابع الأمواج ووجود مصدر للأملاح المغذية أو مصدر تلوث».
وأضاف أستاذ البيئة البحرية أنّ ظاهرة زبد البحر تساعد على تنقية مياه البحر، نظرًا لأنّ هذه الطحالب الدقيقة تستهلك كل الملوثات الموجودة، وعندما تستهلك هذه الملوثات وتموت تترسب في الأرض، ثم يطردها الزبد إلى خارج البحر على الشواطئ: «زبد البحر بيساعد على نضافة البيئة البحرية ومالوش أي تأثير سلبي على الناس اللي بتنزل البحر، وكميته وكثرته بتتوقف على كمية الأملاح الموجودة وكمية المياه الملوثة اللي داخلة من المصدر وكثرة تتابع الأمواج وشدة الريح في المنطقة».
هل تتكرر ظاهر زبد البحر؟
وعادة ما يحمل زبد البحر كميات من الأسماك النافقة إلى الشواطئ بحسب «دار»، بالإضافة إلى مخلفات السفن والمراكب، ولن تتوقف ظاهرة زبد البحر طالما يتكرر موج البحر الناتج عن الرياح القوية: «اللي هيحكم الموضوع في كمية زبد البحر وتواجدها وانتشارها هو كمية الأملاح المغذية الناتجة عن مصادر تلوث، لكن في الظروف العادية زبد البحر ظاهرة طبيعية ولطيفة واللي بيكون الموج الأبيض اللي بنشوفه على سطح المياه وبيكون كمية بسيطة لأن سرعة توالي الأمواج مبتبقاش كبيرة، وكمية الغازات المتصاعدة من قاع البحر أو القاع في المنطقة الضحلة نتيجة موت الطحالب البحرية أدت لتصاعد كمية كبيرة من الغازات طلعت على شكل فقاعات، وزبد البحر ده عبارة عن ريم أو فوم وفقاعات محبوسة».
وزبد البحر لا ينتج عنه أي خطورة على جسم الإنسان بحسب أستاذ البيئة البحرية بالمعهد القومي لعلوم البحار كونه يتشابه مع الفقاعات الناتجة عن الصابون: «مالهاش أي تأثير سلبي، بالعكس تأثيرها إيجابي لأنّها بتنظف البيئة البحرية».