لم يعش طفولته كباقي الأطفال في سنه، فبدلًا من أن يحمل ألعابه ويذهب للهو مع رفاقه، كان يتوجه في صباح كل يوم متسلحًا بطعامه الذي أعدته له والدته إلى الشركة التي يعمل بها، حيث فرضت عليه ظروف أسرته الخروج للعمل في العاشرة من عمره، ورغم رضا الصغير بالظروف القاسية التي وجد نفسه بها، إلا أن الحياة أرادت أن تزيد من قسوتها ومرارتها على ابن محافظة قنا؛ فبمجرد وصوله للسابعة عشر من عمره اكتشف إصابته بسرطان الكبد، الذي رفض هو الآخر أن يكون ضيفا خفيفا عليه.
سرطان الكبد رفيق «أحمد» من التخرج للماجستير
«عايش على المسكنات ومستني قضاء ربنا»، بهذه الكلمات بدأ أحمد قناوي، البالغ من العمر 21 عامًا، حديثه لـ«»، مؤكدًا أن رحلة علاجه من السرطان وصلت إلى طريق مسدود بعدما أجرى عمليتين جراحيتين واستأصل أجزاء من الكبد والمرارة والطحال، بالإضافة إلى تأثير الكيماوي على وظائف العديد من الأجهزة في جسمه.
لم يكن الصبي يعلم شيئا عن المرض اللعين الذي ألم به، وتخيل أن الأمر لن يستغرق معه سوى 10 أو 15 يوما على أقصى تقدير، ولكن السرطان كان بمثابة صديق وفي لـ أحمد، فكلما تخلص منه باستئصال جزء من جسده عاد إليه مرة أخرى.
ورغم ما يمر به أحمد من آلام، إلا أنه قرر أن يخوض مشوار علاجه بمفرده، ويجنب والدته معاناة رؤية فلذة كبدها وابنها الأكبر وهو يتألم جراء تناول جرعات الكيماوي، وكان أحيانا يوافق على أن يصطحبه والده إلى مستشفى 57357 عندما يشتد عليه الألم.
ولأن في كل محنة منحة؛ التقى صاحب الـ21 عاما خلال رحلة علاجه بالعديد من المرضى، الذين كان للكثيرين منهم دور كبير في التخفيف عنه، حتى أنه كان يشعر خلال ذهابه لجلسات الكيماوي كأنه في طريقه إلى الملاهي على حد وصفه: «نسبة الإحساس عند المريض بتزيد وبيتأثر بكل حاجة، والتعايش مع المرضى خاصة الأقدم وأنك تشوفهم قد إيه متقبلين الموضوع بيفرق معاك، اللي بره هيقولي معلش ومفيش حاجة تستاهل وأنا مش عاوز أسمع الكلام ده».
وبالرغم من الآلام التي يعاني منها الفتى العشريني، إلا أنه أصر على استكمال دراسته؛ فتخرج في كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بتقدير جيد جدا، ويسعى للحصول على درجة الماجستير في القانون الدولي: «أنا مش هوقف حياتي واقعد أستنى الموت إحنا كلنا هنموت سواء بسرطان أو غيره».
ولأن الموت يهدد حياته في أي لحظة، حرص أحمد على كتابة وصيته لأصدقائه، طالبهم فيها بعدم الحزن والدعاء له عند رحيله: «أدرك أن سهم الموت سيصيبني، افتكروا دائما مزحي ورخامتي، لا أطلب منكم الحزن أو الدموع، فقط أسألكم الدعاء».