عمليات كرّ وفرّ بين المواطنين وعدد من الماشية، شهدتها شوارع محافظات الجمهورية منذ صباح أمس، لا سيما البقر والعجول التي كانت تنتظر دورها لتكون أضاحي في أيام عيد الأضحى، ودائمًا ما تحظى مقاطع الفيديو المصورة لهذه الأضاحي أثناء محاولة هروبها وإفلاتها من أصحابها بنسب مشاهدات عالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبسبب حرص بعض المواطنين على متابعة هذه المقاطع المصورة أولًا بأول، تصدر هاشتاج «العجول الهربانة» قائمة الأكثر تداولًا عبر موقع التدوينات القصيرة «تويتر» وراح المغردون يتبادلون مشاهد مضحكة لفرار الأضاحي التي كان يستعد أصحابها لذبحها في عيد الأضحى وسط ذهول وضحكات الجميع.
مقاطع فيديو «العجول الهربانة» تتصدر التريند
وعلى الرغم من الإصابات والتلفيات التي تنتج عن هروب هذه الأضاحي من أصحابها في الشوارع، إلا أنّ هذه المقاطع المصورة لا زالت حديث مواقع التواصل الاجتماعي لليوم الثاني على التوالي بحثًا عن كل ما هو جديد، إذ يقول الدكتور هاشم بحري رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر، إنّ التلذذ بمتابعة مثل هذه المقاطع هو نوع من أنواع الفضول مثلما يحب البعض مشاهدة مصارعة الثيران في إسبانيا.
وأضاف رئيس قسم الطب النفسي لـ«» أنّ الأذى الذي تسببه هذه الحيوانات للآخرين هو واقع التعامل مع الحيوانات القوية فهي مدمرة ومؤذية في ثورتها على أصحابها: «على مستوى العالم الناس بتستمع جدًا أنهم يشوفوا طريقة التعامل مع الحيوانات القوية لأنّها حاجة مثيرة، كائن قوي جدًا ومفيش حاجة بتقف قدامه فـ الناس بتبقى عايزة تعرف الكائن ده هيعمل إيه بالظبط».
ويقول الدكتور هاشم بحري إنّ المعتاد هو تحكم الإنسان في الحيوان وقدرته في السيطرة عليه، بعكس ما يجري تداوله في هذه المقاطع المصورة من انعكاس الوضع ليصبح الحيوان هو المُتحكم في صاحبه، وهو ما يُعد أمرًا مثيرًا للاهتمام نظرًا لغرابته: «الناس بتحب تتفرج على الحاجات اللي فيها خروج عن المألوف والوضع فيها بيكون بالمقلوب».
خلل نفسي وراء متابعة مقاطع هروب العجول
ويقول الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسي إنّ الإنسان خُلق على الفطرة، وبالتالي أي سلوك خارج عن الفطرة هو مؤشر لوجود خلل نفسي ما يعتري الشخصية التي ترتكبه، إذ تعتبر العجول التي تهرب من الذبح وتصاب بحالة من الهياج أثناء هروبها فتحطم المحال وتسبب حالات إصابة ووفيات هي مشاهد دموية تندى لها الجبين، إلا أنّ هناك البعض من الخارجين عن الفطرة يُصنفون هذه المشاهد بالضحك والسخرية.
وأضاف استشاري الصحة النفسية إنّ هؤلاء المتلذذون بهذه المقاطع الدموية يُمكن تصنيفهم على أنّهم أشخاص سادية أو عدوانية وجدت في هذه المشاهد إسقاطًا على عوراتها الداخلية وسادياتها المفرطة والتلذذ بتصدير هذه المتعة للآخرين: «فيه ناس لما بيلاقوا حاجات مؤذية كدا بيتلذذوا بيها وبيعملوها مجال للضحك والسخرية».
ويقول الدكتور وليد هندي إن هناك البعض ممن لديهم سلوكيات مضادة للمجتمع والمعايير العامة يجدوا في هذه المشاهد «فاترينة» عرض لنوازعهم الداخلية التي تدهس القيم والأعراف ولا تقيم وزن لمشاعر الآخرين وهي ضد الفطرة الإنسانية وأيضًا ضد فلسفة الذبح: «عندنا كمان في الشخصية المستهترة اللي معندوش ثبات إنفعالي ممكن يروح جنازة وهو قاعد بيضحك مبيعرفش يُقيم الأمور في وضعها، وده بيعتبر شخصية تافهة سهلة الانقياد، فلما يلاقي تريند العجول الهربانة بينساق وراها نظرًا لشخصيته المُسطحة».