سيدة ستينية تجلس أمام فرن فلاحي مصنوع من الطين في إحدى قرى محافظة كفر الشيخ، وتقوم بإشعال النيران باستخدام كسرات الحطب أو بقايا أعواد القطن والخشب، لتطهو مختلف أنواع الطعام بـ«طعم وريحة زمان»، حيث يتميز طهي الأكل في الفرن الفلاحي باحتفاظه برائحته الطبيعية بخلاف استخدام الفرن الكهربائي أو الغاز.
«بقالي 50 سنة بطبخ كل الأكل في الفرن الفلاحي، وكل لما الفرن يتهدم أرجع أبنيه مرة تانية، إتعودنا في الأرياف على طعم وريحة أكل زمان المعمول باللبن والسمن البلدي اللي بنعملها في بيوتنا، وعلمت زوجات أبنائي الطبخ على الفرن»، تقول الحاجة سعيدة عبدالله، البالغة من العمر 63 عاماً.
لا يحلو طعم الأكل خاصة «الأرز المعمر» وصينية الفراخ والبطاطس سوى في الفرن البلدي، لذلك تحرص السيدة الستينية على طهي الطعام فيه، فضلا عن أنه يوفر الغاز لعدم شراء مزيد من أسطوانات البوتاجاز: «طعم الرز المعمر في الفرن مفيش أحلى منه، وكمان صينية البطاطس باللحمة والفراخ، الأكل بيبقى مميز بريحته وطعمه، وكمان بوفر في الغاز، وبدل ما استخدم 4 أسطوانات شهرياً بستخدم اتنين أو واحدة، لأن الفرن الفلاحي بيشتغل بالحطب والخشب والقش، وكلها مكونات موجودة في الأرياف، بعكس فرن الغاز بيحتاج فلوس علشن الأنابيب».
لم يقتصر دور الفرن الفلاحي على طهي الطعام فقط، بل يمتد لخبز الخبز بأنواعه والفطير المشلتت، وفقا للحاجة سعيدة: «بعمل في الفرن كل حاجة، والفطير المشلتت ليه طعم تاني، بيطلع طعمه معجون وغرقان بالسمن البلدي وبيختلف عن الفرن الغاز، ميحلاش الأكل إلا في الفرن البلدي».
السيدة الستينية لاتخجل حينما تجلس على قوالب الطوب لتطهو الطعام لعائلتها المكونة من 4 أسر، حتى أنها علّمت زوجات أبنائها الأربعة طهي الطعام في هذا الفرن: «مبخجلش إني باطبخ في الفرن الفلاحي، بالعكس دي عيشتنا وإحنا راضيين وبنوفر ثمن الغاز، والستات اللي عايشة في الفلاحين مدبرات ويعرفن كيف يديرن المنزل، وعلّمت زوجات ولادي برضو يطبخوا في الفرن ده».