| «سلامة» ترك الصعيد واستقر بالقاهرة بسبب التنمر: النار شوهت ملامح وشي

أكثر من خمسة عشر عاما، شكلت حياة «سلامة» من جديد،  فقبل يناير من العام 2004 كان حاله مختلفا، حريق شب في مقر السكن الذي كان يقيم به رفقة زملائه بالعمل، غير حياته تماما، ففي لحظة توقفت عندها عقارب الساعة باغتته ألسنة النيران وسقط مغشيًا عليه، لم يعِ ما يحدث من حوله حينها، استفاق بعدها ليجد نفسه على فراش المستشفى وقد اختلفت ملامح وجهه وفقد عينه اليسرى وتضررت أصابع يده اليمنى، فتحول مشوار عمله الذي يذهب إليه بعد انتهاء امتحانات منتصف العام الدراسي إلى كابوس لا تزال تفاصيله تلاحقه في أحلامه.

حريق غير ملامح وجهه

«كنت بشتغل في الإجازة وأنا طالب في المدرسة عشان أساعد أهلي، لكن اتوقفت عن الدراسة سنتين قضتهم في المستشفى بتعالج من بعد الحريقة اللي حصلت في السكن اللي تبع الشغل»، يروي الشاب الثلاثيني سلامة رشدي، الذي قطع شوطًا طويلًا في العلاج، ملامح رحلته الصعبة لـ«» في محاولة منه للتشبث بالحياة رغم مرارتها.

علاج عامين متواصلين و13 عملية جراحية

قرابة 13عملية جراحية، خضع لها الشاب المغترب من بني سويف بحثا عن العمل، زادت في عينيه مرارة الغربة، إلى أن زهد العلاج وتوقف عند تلك المحطة: «وقفت عمليات وعلاج وحاليا وشي كله ملامحه اتغيرت من بعد الحادثة» لتتدرج المعاناة من دوامة العلاج إلى مواجهة المجتمع ونظرات أصدقائه في المدرسة له: «لما رجعت المدرسة بعد سنتين علاج ماتحملتش أكمل من نظرات زمايلي ليا وكلامهم»، لم يكمل تعليمه هربا من السهام الموجهة إليه من أعينهم التي تحدق فيه دون رحمة، بحسب روايته.

احتراف مهنة السباكة

قاوم وثابر، لم يقف «سلامة» مكتوف الأيدي أمام معاناة اعترضت حياة مراهق صغير حرمته من الاستمتاع بشبابه، احترف مهنة «السباكة» كعمل يهواه ويناسب ظروفه الصحية: «بعد ما سيبت التعليم كملت في مهنة السباكة وبقيت متمكن واتدرجت فيها من صبي سباك لفني وبقيت مشرف سباكة في شركة مقاولات»، وما إن تطورت الحياة من حوله وظهرت أمامه من ارتضاها ليكمل معها حياته، تزوج وأنجب، ولكن ظل الحادث دبوسًا يوخزه من حين لآخر يؤرق عليه حياته.

نظرات المارة في الطريق كانت تلاحقه بأسئلة لا إجابة لها: «عندنا طبيعة العيشة في الصعيد الناس كلها كانت مركزة معايا، لما أنزل الشارع يبصولي باستغراب وكلامهم كان بيضايقني»، حتى قرر الرحيل واستقر به الحال في القاهرة بصحبة زوجته وطفليه الصغار، بحسب روايته.

ترك الصعيد واستقر في العاصمة

تأقلم «سلامة» مع صخب القاهرة وانشغال أهلها كلٌ في حاله، ارتضى بما آلت إليه الأمور وتصالح مع هيئته التي بات عليها: «في القاهرة كل واحد مشغول في حاله محدش مركز معايا ولا حد بيسألني عن شكلي الغريب بالنسبة ليهم».

سكن إيقاع حياة «سلامة»، تدرج في عمله من شركة إلى الثانية، وإن كان يتعثر قليلا في مسيرته اليومية، يواجه رفضا كثيرا من أماكن مختلفة بسبب الحروق التي غيرت معالم وجهه: «لما بخلص مشروع في شركة مقاولات وبينتهي شغلي معاهم بعاني عشان ألاقي شغل جديد، بيبصوا لشكلي مش بيختبروا مهارتي»، تمنى لو أن ثقافة المجتمع تتغير ويلين الحديد له ولأمثاله الذين تعرضوا إلى حوادث قدرية لا دخل لهم فيها.