وجوه بدا عليها الصدمة ممزوجة بالفرحة، عيون امتلأت بالدموع، عناق طالت مدته، الكلمات كانت تخرج من الشفاه مرتبكة ومشوشة، مشاعر مختلطة جمعت بين الألم والسعادة والأمان والحزن، هكذا كان لقاء 11 شقيقة بعد غياب عن بعضهن دام لأكثر من 46 عامًا، قبل أنّ يجمعهن القدر مجددًا ويعيد البسمة إلى قلوبهن التي عانت الكثير خلال السنوات الماضية.
في ديسمبر عام 1954، كانت باربرا لين ذات الـ3 أعوام، تعيش مع شقيقاتها الـ9، في منزل بمدينة سانت لويس الأمريكية، لم يكن يشغل عقلها سوى اللعب والطعام، لتفاجئ بأن والدتها التي من المفترض أن تكون الحضن الدافئ والحصن المنيع من آلام الدنيا، تتخلى عنها وشقيقاتها البنات، وتتركهن بمفردهن، وتصطحب معها طفلتها ذات الـ7 أشهر، دون أنّ تخبر بناتها بما يحدث: «عندما تركتنا والدتنا، كان ذلك في فصل الشتاء، ولم يكن لدينا أي ماء أو طعام أو حتى تدفئة، وظللنا على هذا الوضع لمدة 3 أيام»، عاشت «باربرا» مع 8 من شقيقاتها دون أي مورد للإعاشة، حتى لاحظ الجيران ما يحدث.
حكاية 9 فتيات تخلى عنهن الجميع
أخبر الجيران، الشقيقة الكبرى للفتيات الـ10، التي كانت متزوجة من فترة وتعيش في فيرجينيا بما حدث، لكنها لم تستطع المجيء لبعد المسافة، وكان والد الفتيات قد انفصل عن والدتهن منذ فترة طويلة، لذا لم يكن هناك حلا أمام الشقيقة الكبرى، سوى الاتصال بالمؤسسات الخيرية والخدمة الاجتماعية، لإنقاذ شقيقاتها من الموت جوعًا وبردًا، بحسب حديث «باربرا» البالغة من العمر 72 عامًا، لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
عاشت الفتاة الأمريكية مع 7 من شقيقاتها في دار للأيتام، بينما هربت الأخت التاسعة، لأنها لا تريد العيش مع أسرة حاضنة: «كنت أشعر بالسعادة لأني أعيش مع شقيقاتي، لكن سعادتي لم تدم طويلًا، بعد أن شاهدتهن يغادرن واحدة تلو الأخرى وفي أيديهن حقائب صغيرة بها ملابسهن، لتعيش كل واحدة منهن مع أسر حاضنة».
الانتقال إلى الأسر الحاضنة
انتقلت الفتاة وشقيقتها «كاي» ذات الخمس سنوات، إلى منزل إحدى الأسر، بعد 9 أشهر من وجودهما في دار الأيتام، لكنهما لاقتا معاملة سيئة واعتداءات متكررة، وفي فترة التسعينات، توفيت والدتهما بالتبني، وتركتا المنزل، وفي سن الثلاثين، عثرت «باربرا» على عاملة اجتماعية، ساعدتها على تلقي المساعدة اللازمة للتغلب على الصدمات التي عاشتها: «عندما بلغت سن الـ5 سنوات، تعلمت القراءة، وبدأت أبحث عن شقيقاتي في دليل الهاتف من خلال اسم العائلة، لكن دون جدوى».
بعد نحو 46 عامًا من البحث، استطاعت باربرا العثور على شقيقاتها مجددًا، وعلمت أنّ شقيقتها «إلين» أعادت لم شملهن جميعًا منذ فترة، لكنها لم تستطع الوصول إليها وكاي: «وجدت إلين صورة لي مع كاي في مقال بإحدى الصحف مع عائلتنا بالتبني، وكان يروج للرعاية الجيدة مع الأسر الحاضنة، ومن خلال الصورة علمت أسماء والدي، لكنها عندما اتصلت بهما، كذبا عليها وأخبراها أنها وشقيقتها هربا من المنزل».
لقاء الشقيقات الـ11 بعد 46 عامًا من الفراق
استطاعت «إلين» العثور على كاي من خلال البحث عن رخصة زواجها، وعثرت على هاتفها، وعلمت منها أنّ بابرا تزوجت وتعيش مع أطفالها في ديلاوير: «كان لقاء عاطفيا للغاية، ضم الكثير من الضحك والبكاء»، بعد فترة من لم الشمل الذي حدث عام 1997، توفيت 5 من الشقيقات، لتنشر «باربرا» تفاصيل اللقاء المؤثر في كتاب لها صدر مؤخرا، تحكي فيه كل ما عانته وشقيقاتها.