عائلة وائل الدحدوح
فاجعة تلو الأخرى ومصائب لا تتوقف، حوّلت حياة الصحفي وائل الدحدوح، إلى مادة إعلامية مثيرة للتعاطف، في الوقت الذي اعتاد فيه الصحفي الفلسطيني على نقل معاناة سكان غزة إلى العالم، وتسليط الضوء على الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال ع وانه الغاشم في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، حتى طالت عددًا كبيرًا من أفراد عائلته، إلا أنّه لم يتوانَ لحظة عن القيام بمهام عمله في ظل الحرب الإسرائيلية على القطاع المنكوب.
من هي عائلة الدحدوح؟
حمزة الدحدوح آخر من فقدهم الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح من أبنائه إثر قصف من مسيّرة إسرائيلية استهدف جنوب قطاع غزة، قبل أن يلحق به الشقيقين محمد وأحمد الدحدوح ابني أخيه اللذان راحا في غارة استهدفت سيارتهما في رفح، في حين لم تمر أسابيع على مقتل العديد من أفراد عائلته، بمن فيهم زوجته آمنة وابنه محمود الدحدوح (16 عامًا) وابنته شام الدحدوح (6 أعوام) وحفيده آدم الذي لم يتجاوز الأشهر، بعدما استهدفهم القصف الإسرائيلي، على الرغم من تواجدهم في منطقة آمنة بعيدة عن شمال غزة الذي طلب جيش الاحتلال إخلاءه.
وائل حمدان إبراهيم الدحدوح، يحكي في تصريحات تليفزيونية قبل نحو عامين، قصة فقدانه لنحو 20 من عائلته، بمن فيهم أخوته وأبناء عمومته وأبناء عمته الذين ارتقوا شهداء في حوادث اغتيالات بالطائرات الإسرائيلية، والتي وصفها بأنّها من اللحظات الصعبة في حياة الصحفي الفلسطيني الذي يتوجّه لنقل الحدث والصورة في حدث معين يكتشف خلاله أنّ الحدث هو شقيقه أو ابن عمه.
وبحسب الموقع الرسمي لشهداء عائلة الدحدوح، فإنّ هذه العائلة تعتبر واحدة من أبرز العائلات الفلسطينية العريقة التي تعود جذورها إلى شبه الجزيرة العربية ببلاد الحجاز، وبعدها انتقلت العائلة للاستقرار في منطقة شرق الأردن، ثم رحل البعض إلى سوريا، فيما سكن آخرون شمال فلسطين بمدينة نابلس، وتوزّع الجزء الآخر بين مصر وغزة هاشم حيث استقروا بمنطقة باب «الدارون» بحي الزيتون وسط مدينة غزة.
قدّمت عائلة «الدحدوح» عديد من أفرادها في ميادين العزة، فكان ثمار تضحياتها منذ عام 1948 أكثر من 20 شهيدًا بخلاف عشرات الجرحى والأسرى، منهم: خالد شعبان الدحدوح، وأيمن شعبان الدحدوح، وأمين حمدان الدحدوح وفخري عطية الدحدوح وغيرهم من الشهداء
وائل الدحدوح الذي يبلغ من العمر نحو 53 عامًا، متزوج ولديه 8 أبناء «بيسان متزوجة، وسندس والدة آدم، وخلود وبتول ويحيي، بينما استشهد محمود وشام وحمزة»، يروي في لقاء تليفزيوني سابق عندما كان في تغطية على الهواء مباشرة، عندما تلقى اتصالًا هاتفيًا يخبره بإخلاء المنزل بسبب القصف والشظايا التي لحقت بالجوار، وهي اللحظات التي مرّت صعبة على الصحفي الخمسيني الذي من المفترض أن يقوم بدور الأب والصحفي في الوقت ذاته: «هذه اللحظة يكونوا أشد احتياجًا لك، قوة الأب ودور الأب مفقود في أسرنا نحن الصحفيون، وهذه الميزة المؤلمة عندما يحتاجونك يفتقدونك، وهذا مؤلم جدًا».
ومثل غيره من العائلات الغزّاوية، اعتاد وائل الدحدود على توزيع أبنائه بين ثلاثة بيوت لأقاربه من ضمنهم أخوالهم وأعمامهم، وجرى توزيعهم على ثلاثة مناطق أملًا في أن يبقى منهم أحدًا على قيد الحياة إذا استهدفت أحد الأماكن التي هم فيها.
كيف التحق وائل الدحدوح بمهنة الصحافة؟
لم تكن الصحافة هي الرغبة الأولى للصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح، بل تطلع إلى دراسة الطب، لكن منعطف حياته بدأ يتغير مع اعتقاله على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 1988، إذ قضى نحو 7 سنوات في سجون الاحتلال عقب مشاركته في الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
حصل «الدحدوح» على منحة لدراسة الطب بعد إتمام دراسة الثانوية العامة عام 1987/1988 في العراق، ولكن قبل سفره ببضعة أيام جرى اعتقاله من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، يقول: «كانت الرغبة الأولى عندي إني أكون طبيبًا، ووقت اعتقالي لم يكن هناك طب في قطاع غزة ولم يكن هناك سياسة واقتصاد، وبالتالي كانت الأقرب إلى كوني خارج من السجن والأقرب إلى ثقافتي هي الصحافة بما تحمله من ثقافة ورسالة إنسانية ومهنية».
وبخلاف عمله في ميدان الصحافة التي كانت انطلاقته الحقيقية بها عام 2004، يجد وائل الدحدوح راحته في العمل بأرضه الزراعية، وهو أكثر مكان يجد به راحته خاصة وأنّه ينتمي إلى أسرة مُزارعة، وعمل فيها خلال السنوات الأولى من عمره حتى انتهى من الثانوية العامة وبعد خروجه من السجن: «في أي وقت بكون فاضي أو الصبح وأنا طالع على المكتب في الأيام العادية مش أيام الحروب، بشيّك على بعض الأمور ولما بلاقي شيء محتاج شغل ببلغ ابني أو ببلغ العمال إذا محتاجة رش أو تتسقي بالمياه».