المشهد مرتبك، الدموع متحجّرة في العيون، والوجوه يكسوها الحزن الممزوج بالغضب، هكذا بين يوم وليلة تبدل حال مدينة إدفو بمحافظة أسوان، تلك المدينة الهادئة التي احتلت صدارة التريند خلال الأيام الماضية، ليس بمعبدها الذي يحوي كنوزا تلفت أنظار العالم، بل بـ«مستريحها» الذي سرق جيوب البسطاء، وأوهمهم بمكاسب تصل إلى ملايين الجنيهات، ثم ذاب كقطعة ملح في نقطة مياه.
لا اسم يعلو الآن فوق اسم مستريح أسوان الذي يدعى «مصطفى البنك»، ولو سألوا عامر يوسف، أحد أهالي إدفو، ما الذي سيفعله عندما يراه سيبادر بقوله: «هقطعه بسناني ده خرب بيتي وخد كل اللي حيلتي.. ربنا على الظالم والمفتري».. وهذا أبسط ما يمكن أن يفعله بعد أن شق جلبابه حزنا وغضبا على ما حدث له.
ضحية مستريح أسوان يخسر 62 ألف جنيه
قصة طويلة تدور أحداثها منذ أشهر وربما أكثر داخل قرى مركز إدفو، كانت تدور في السر بين مستريح وأسوان وضحاياه، ثم انتقلت إلى ساحة مواقع التواصل الاجتماعي، عندما هرب «المستريح»، وترك ضحاياه متعبين يولولون على آلاف الجنيهات التي سرقها منهم، ومن بين هؤلاء «عامر» الذي سلمه عن طيب خاطر 62 ألف جنيه، تاركا محفظته دون أموال وبيته دون سقف وابنه المريض دون «حقنة أنسولين».
«دي فلوس كفني وعلاج ولدي، فلوسي راحت خلاص اللي حيلتي راحوا، أجيب علاجه منين» قالها الرجل الخمسيني في بث مباشر لـ«» بنبرة يكسوها الحزن وخيبة الأمل بعد أن مزّق جلبابه تعبيرًا عن حالة الحزن والغضب التي تعتريه بعد أن خسر أمواله، مُقتديًا بجيرانه وأهل قريته الذين استثمروا أموالهم أيضًا عنده بهدف الاستثمار، إذ كانت الـ62 ألف أملًا لـ«عامر» أن تعود إليه بقيمة قدرها 100 ألف جنيه: «مصطفى البنك أنا مشفتوش، بس البلد كلها قالتلي سّلم فلوسك يا عامر» بحسب حديثه.
«عامر»: أصبحت عاجزا عن شراء علاج ابني
«الجلابية اللي قطعتها دي مِشتريها شحاتة»، جملة عبّر بها عامر يوسف عن الحال الذي وصل له بعد خسارة أمواله، حتى وأنّه أصبح عاجزًا عن علاج نجله «عزت» المُصاب بمرض السكري والذي يحتاج إلى حقنتين من الأنسولين بشكل مستمر، لن يستطيع الرجل الخمسيني توفيرها لنجله، ويساعده في العلاج أهل الخير: «التأمينات وأهل الخير بيساعدوني في علاج ولدي بعد ما رأفو بحالته» وفقًا لـ«عامر».
حمام منزله ليس مستورًا عن أعين الناس، وباتت النار بديلًا عن وقود البوتاجاز، والشمس تخترق الغرف من عيدان الخوص أعلى السقف، وعلى الرغم من تبدّل حاله إلى الأسوء، يردد «عامر» كلمات الحمد في السراء والضراء، ولا يتمنى من الله سوى الستر، وشفاء نجله «عزت»: «أنا ولدي لو تعب مش هلاقي حق التوك توك اللي يوصلني للمستشفى» بحسب قوله.
ترك «المستريح» بصمته داخل محافظة أسوان، وأصبح لديه ضحية واحدة على الأقل داخل كل منزل من منازل إدفو، تعرضوا للنصب إما نقدا، أو من خلال بيع مواشيهم بصعف ثمنها قائلًا: «كل أسرة وكل بيت فيه صريخ، فيه عريسين اتنصب عليهم وكانو هيتجوزوا بعد 15 يوم».