| «شهد» طفلة داون تخلى عنها والدها وربَّتها أمها: بطلة بنت بطلة

كان عمرها لم يتعد السبعة أيام بعد عندما قالها الطبيب لوالديها صراحة «بنتكم شهد من ذوي الاحتياجات الخاصة»، ضمت الأم طفلتها إليها وكأنها تريد أن تُطمئنها وتطمئن بها، ثم نظرت إلى زوجها ولكنه أشاح بعينيه بعيداً عنهما، رفض فكرة كونه أبًا لطفلة مصابة بمتلازمة داون ستبدو مختلفة عن أقرانها، فقرر الانسحاب والانفصال عنها وعن أمها.

صدمة امتزجت بمشاعر الخوف والقلق وربما الغضب شعرت بها الأم لبنى عبد العزيز، بعد أن وجدت نفسها وحيدة مع طفلة رضيعة من ذوي الاحتياجات الخاصة ستكون مسؤولة عنها مسؤولية كاملة، شعرت وكأن الدنيا تدور من حولها ومعها تدور الأسئلة في مخيلتها كيف تخلى عنهما زوجها بهذه السهولة؟ وماذا هي فاعلة؟ وهل ستستطيع تحمل المسؤولية وحدها: «مش عارفة إزاي لما بصيت في وش شهد لقيت الأسئلة دي كلها اختفت من دماغي ولقيتني بحضنها وبعيط وبقول إن شاء الله ربنا هيقدرني يا بنتي» هكذا تتذكر الأم وهي تسترجع أوقاتاً صعبة عاشتها منذ 18 عامًا.

رحلة الأم في سوق العمل بعد تخلي الأب عنهما

بدأت الأم في البحث عن عمل في كل مكان، حتى وجدت فرصة عمل كمندوبة مبيعات، تتنقل داخل القاهرة أو بين المحافظات لنقل وبيع مواد غذائية، حقيبة ثقيلة تحملها بين يديها وأخرى على ظهرها تحمل فيها تلك البضاعة ولا تعود إلى منزلها إلا بعد أن تنهي مهمتها، «والله مش ببالغ لو قلت إني بحس إني بستمد من النظرة في عينيها قوتي وإن أي تعب بيهون عشانها» قالتها الأم وهي تغلب دموعها.

وتابعت «المصاريف كانت بتزيد عليا كل ما البنت بتكبر خصوصاً إن شهد بتاخد جلسات تخاطب عشان كده مكنتش بقول لأي شغل لا حتى لو تعبانة ومش قادرة لأني مش عاوزة أقصر معاها في حاجة والحمد لله وصلت لسنة ثالثة إعدادي مهني».

بداية البطولة الرياضية لـ«شهد»

وبرغم انشغالها بتوفير قوت يومهما إلا أنها كانت تحرص على أن تستقطع من وقتها القليل لتدرس عن أطفال متلازمة داون، اشترت عددا من الكتب وقرأت عن كيفية التعامل معهم وماذا يحبون وماذا يكرهون، كانت تريد أن تفهم ابنتها ومتطلباتها واحتياجاتها أكثر وأكثر، حتى إنها حصلت على دورة في التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

قراءاتها ودراستها تلك لطبيعة الأطفال ذوي الإحتىاجات الخاصة جعلتها تكتشف موهبة ابنتها الرياضية مبكراً، لاحظت ميول طفلتها «شهد» للسباحة وللجري فقررت أن تشترك لها في رياضة ألعاب القوي، وكان أداء الطفلة يتطور سريعاً حتى أنها شاركت في عدد من المسابقات وحصلت على 20 ميدالية في السباحة والجري وتم تكريمها من الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة.

مواهب «شهد» لم تتوقف عند حد الرياضة فقط، فأحبت الغناء والرقص الاستعراضي وشاركت في عدد من دورات الكورال في الأوبرا وحصلت على شهادات تقدير وتم تكريمها أيضاً في عدد من الاحتفاليات.

تتذكر الأم تلك اللحظة التي تخلى فيها زوجها عنهما خوفاً من أن تصبح طفلته مختلفة عن أقرانها، ثم تنظر إلى تلك الميداليات والتكريمات التي حصلت عليها «شهد» وتقول «دي أجمل هدية ربنا إدهالي هفضل معاها لآخر المشوار»، فتقاطعها بطلتها الصغيرة قائلة «أنا بحب ماما أوي.. ماما هي اللي بطلة».