هدفه كان واضحا من البداية لذا ظل يعدو خلفه متخطيا كل الحواجز، واضعا في اعتباره عدم اليأس بسبب ظروف أهله المادية، ورغم أن اسمه «شيبة» إلا أن هدفه لم يكن «الزهر يلعب معاه»، بل كان يسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي لنفسه وتحصيل العلم، والخروج من عباءة الاتكال على أسرته.
محمد شيبة، ابن محافظة الجيزة، وضع الهدف منذ الصغر وسعى خلفه ليحققه، لكن القدر لم يمهله، وفشل في الحصول على مجموع في الثانوية العامة يؤهله للوصول إلى كلية الهندسة، فلجأ إلى حل بديل يستخدمه معظم الطلاب أشباه حالته، وهو التقديم بالمعهد العالي للهندسة.
«محمد»: «مش عايز أبقى عبء على أهلي.. وكنت بشتغل والكتب في إيدي»
يروي «محمد»، لـ«»، أنه لم يكن يريد أن يصبح عبئا على أهله، لذا قرر أن يخفف عنهم قليلا ليتنقل بين الأسواق باحثا عن عمل يتناسب مع ظروفه ويحقق له دخلا يعينه على مساعدة أهله في مصاريف كليته؛ ليزيح عائقا ولو بنسبة بسيطة عن أكتاف أهله.
ظل يبحث كثيرا حتى عثر على عمل في محل مخبوزات، لكنه لم يستطع التوفيق بينه وبين الدراسة في السنة الدراسية الأولى، حيث عانى من ضغوط الكلية والعمل معا، خاصة فترة الامتحانات: «كنت بشتغل وفي إيدي الكتب عشان أعرف ألم المادة»، وبعد الانتهاء من السنة الأولى عرض على صاحب المحل أن يعمل 3 أيام ويدرس 3 أيام، وفي الإجازة يعمل طوال الأسبوع، فوافق صاحب العمل على الأمر واستمر يعمل على نفس النظام 3 سنوات.
وجد «شيبة» أن الأمر لم يكن كافيا في المساندة فقرر أن يلجأ إلى البيع «أونلاين» حتى يستطع تجميع قدر إضافي من المال، لم يكن الأمر بتلك السهولة، خاصة أنه يقوم بكل شيء حتى توصيل المخبوزات إلى المنازل.
يذكر «شيبة» أول مرة رآه به أحد زملائه في الدراسة بمكان عمله يبيع المخبوزات فاستنكر وجوده بالمكان في البداية، لكنه ما إن عرف بظروفه حتى شجعه على الأمر، وأصبح طبيعيا أن يراه زملاؤه في المخبز، بل شجعوه أكثر بموافقتهم على عرضه بتجميع المال منهم وشراء الكتب الدراسية لهم بأسعار قليلة مقابل أجر مادي له يتم الاتفاق عليه.
يروي «شيبه» أنه بحث كثيرا عن عمل يتناسب مع مهنته المستقبلية، لكنه لم يجد إلا تدريبات بدون مقابل ووجد صعوبة بها؛ لأنها لن تجدي بعائد مادي يعينه في الدراسة لذا اضطر للاستمرار في عمله.
لم ييأس وظل يبحث حتى توصل لحل وسط وهو أن يجمع أموالا لشراء لاب توب يستطيع من خلاله التدريب ودراسة برامج معينة تؤهله لمجال العمل الهندسي ليستطيع النزول إلى العمل في مجاله والحصول على أجر يسانده.
«كونت شخصيتي وغيرت تفاصيل كتير في حياتي» هكذا عبر عن تجربته في العمل بمحل المخبوزات كونها تجربة مميزة استطاعت تغيير الكثير من أنماط تفكيره في الحياة ونظرته عن الناس والتعامل معهم.