عرض سعودى يتيح للجمهور فرصة المشاركة فى البطولة
اعتاد الجمهور مشاهدة العروض المسرحية فقط، يجلس في الصفوف يتابع ويدقق ويُبدي رأيه، لكنه لم يتوقع أن يكون جزء من العرض، يتقاسم دور البطولة مع باقي صناع العمل، هذا ما حدث في العرض السعودي «صادق النمك» الذي عُرض أمس بمسرح الطليعة ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي.
جرعة كوميديا ارتجالية تفاعلية ساخرة
قدم العمل جرعة من الكوميديا الارتجالية التفاعلية الساخرة، من خلال عرض دارت أحداثه حول حوار إذاعي أجراه المذيع عارف يدري مع ضيفه صادق النمك، وكانت المفارقة أن كلاهما ليس له نصيب من اسمه، فالأول لا يعرف شيء عما يدور حوله، والثاني يتفنن في الكذب بطريقه احترافية تجعل المستمع يصدق ما لايمكن أن يصدقه عقل.
وهنا يأتي الجمهور الذي لم يقتصر دوره على المشاهدة فقط كما ذكرنا، بل كان شريكًا في الأحداث من خلال إجراء المداخلات الهاتفية والتفاعل مع الحوار وتصريحات الضيف، والمطالبة بالرد على بعض الاستفسارات، التي جاءت في صيغة أسئلة طريفة وإيفهات، زادت من جرعة الضحك.
فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي
تحمس الحاضرين لرفع أيديهم طلبًا لإجراء مداخلة هاتفية مع الضيف الذي لم يتوقف عن سرد حكايات لا تمت للواقع بصلة، بدأها بقوله أن مايكل جاسكون كان صديق طفولته وزميل دراسته في كلية الزراعة، وحاول إثبات صدق حديثه بصورة فوتوشوب تجمعه بالنجم العالمي، وحكاية فانتازية أخرى تؤكد أن نزار قباني كان يأخذ رأيه في كل أشعاره.
الجمهور يتدخل لإجراء مداخلات مع مقدمي العرض
وهنا كان لابد من تدخل الجمهور لطلب إجراء مداخلة، بادر بها الزميل الصحفي سيد الاسكندراني، الذي اقتبس جزء من أغنية حارة الساقيين لمحمد منير، ووجهها للضيف الذي لم يكف عن التززيف وقال له: «متروحش تبيع المية في حارة السقايين»، فانفجرت القاعة بالضحك، وازداد حماس الجمهور للمشاركة، وتنوعت المداخلات لتضم عدد كبير من الجنسيات الحاضرة منها مصر والسودان والسعودية وفلسطين.
عرض سعودي بجرعات من الكوميديا
رغم بساطة العرض وإضفاء روح الكوميديا عليه، إلا أنه طرح الكثير من القضايا في قالب فكاهي، منها أضرار السوشيال ميديا والمشاكل المصاحبة لها، ومدى تأثيرها على الأجيال الحالية، بالإضافة لقضايا سياسية واقتصادية والجرائم التي ترتكبها الدول الكبرى في حق دول العالم الثالث، والمحسوبية والوساطة في سوق العمل، وغيرها.
إعجاب الجمهور بالعرض الكوميدي
حاز العرض على إعجاب الجمهور، ولم يتوقع الكثيرون أن يحمل عرضًا سعوديًا كل هذه الجرعات من الكوميديا، ويعبر عن مواهب حقيقية، خرجت من مسرح كيف، ويقول المخرج ياسر مدخلي، إن هذا القالب بدأ تصميمه عام 2011 كتجربة من تجارب مسرح كيف، انطلاقًا من فكرة أن الجمهور أصبح مهووسًا بالتفاعل متأثرًا بتطبيقات التواصل الحديثة ولذلك كان تساؤل التجربة كيف ومتي سيتفاعل الجمهور؟.
ويضيف، أن تفاعل الجمهور لم يقتصر على التلقي فقط، بل صنع محفزات لتفاعله بشكل أكبر وصمم تدريبات للممثلين وتكنيكات لارتجاله، وانتهى إلى قالب مبتكر لمسرح قابل للتنقل في فضاءات مختلفة، قادرة على التواصل مع المجتمع وتواكب متغيراته وتتجدد بالتفاعل معه، مشيرًا إلى أن الارتجال يتطور في كل عرض.
وأكد أن فكرة العرض مأخوذ عن رواية «أبو شلاخ البرمائي» للأديب السعودي الدكتور غازي القصيبي، وقام بعمل معالجة مسرحية له أو «الدراماتورج».
ودعا مدخلي، صناع المسرح لمناقشة إمكانية تقديم هذه التجربة سويًا في مجتمعاتهم، بمحتوى يحمل إبداعاتهم على نفس مقومات هذا النموذج.