ما أن يدخل إلى الشارع، يطلق صافرة عربته بكل قوة، وكأنه ينادى على زبائنه، فيلبوا النداء، يأتون مسرعين الكبير قبل الصغير، ويلتفون حول عربة «الجيلاتي»، فيستقبلهم بإبتسامة عريضة، وهمهمات غير مفهومة بدقة، بسبب أنه أبكم.
السيد الأخرس، 67 عامًا،أقدم بائع «جيلاتي» فى شوارع المنصورة، حيث يمارس المهنة منذ ٥٥ عامًا، وتربطه علاقات وطيدة بزبائنه، خاصةً أنه يقدم «الجيلاتي» في بعض الأحيان مجانًا للأطفال.
بكلمات رقيقة، يحكى محمد السيد، 32 عامًا، عن والده: «أفتخر به، فمنذ ولادتي وهو يعمل بائع جيلاتي، وقام بتربيتنا أنا وإخوتي على أكمل وجه، والفضل يرجع له في تعليمي وجوازي، حتى أولادي يقوم بتربيتهم، ويعمل لتلبيه طلباتهم».
محمد: ابتسامة والدي جعلت منه أيقونة للناس
يواصل «محمد» حديثه: «رغم أن والدى لا يتكلم، لكن ابتسامته البشوشة جعلت منه أيقونة بين الناس، فيتمسك إلى الآن ببيع الجيلاتي في شوارع المنصورة، ويلتف حوله الناس حبًا فيه، خاصة الأطفال الذين يحرصون على مرافقته في جولاته بالشوارع»، مشيرًا إلى أن شعار والده فى العمل «معاك فلوس هتاكل، ولو مش معاك برضه هتاكل»، فلا يهتم بسعر «الجيلاتي» أبدًا، إنما يحرص فقط على اسعاد الآخرين كونه بائع آيس كريم.
وعن المواقف الطريفة لوالده، قال «محمد» أنه عندما يرى أطفال يلعبون فى الشارع، يقوم بتوزيع «الجيلاتي» مجانًا عليهم، في محاولة لإسعادهم، كما يطلق صافرات بألحان مميزة حتى يعرفه الناس عن بعد.
رأى الجيران والأصدقاء في «عم السيد» لا يختلف عن الابن، فيقول محمد شيحة، أحد جيرانه، أنه من أكثر الناس كرمًا وحبًا، وأنه صاحب فضل عليه شخصيًا، وصاحب ابتسامة بشوشة طوال الوقت، ويتفق معه أحمد على، مؤكدًا أنه سعيد بصداقة وحب «عم السيد»، وابتسامته المستمرة: «أعرفه منذ 40 عامًا، وأجده يبيع الجيلاتي بعربته دون كلل وسط حب كل المحيطين به».