رغم ظروف حياته القاسية التى جعلته يتعلم القراءة والكتابة، ويبحث عن عمل بعد أن تخطى الـ70 من العمر، إلا إن حب «صلاح سليم» للفن والشعر لم يتوقف لحظة، والذي جعل كل حلمه في الحياة نشر الشعر الحلمنتيشي.
«أنا بكتب كتير في كل حتة وفي كل مكان، أي ورقة تقع في إيدي بكتب فيها شعر مرة وطني، مرة عاطفي ومرة شعبي، عندى كراريس مليانة أشعار عن كل حاجة وكل حدث وقع في مصر، ولما حد بيسألني اتعلمت كل ده فين بقوله في مدرسة الحياة».. كلمات عم «صلاح» الذي يعيش في منطقة المنشية الجديدة بالمحلة الكبرى بمحافظة الغربية.
وضع الشيب بصمات واضحة في ملامح عم «صلاح» إذ وصل إلى سن الـ74، وأنجب «عزوة» من الأبناء 3 من الأولاد وابنة تزوجوا جميعا، وأحفاده صاروا يناطحوه في الطول والكلمات، كما يحكي بسعادة، وبعد وفاة زوجته صارت يكافح قبح الحياة من حوله من خلال الكلمات التى يكتبها والتي تأتيه خلال أي وقت حتى لو كان في عمله كـ«غفير».
صلاح يعمل «غفيرا» بعد أن رفض العمل على «التكاتك»
تبدو القوة والشجاعة واضحة في صوت عم «صلاح» وهو يتحدث عن محاولاته للابتعاد عن القبح الذي انتشر من حوله، فهو كان يعمل سائقا ولديه رخصة، ولكن بعد انتشار «التكاتك» رفض العمل وبدأ يبحث عن عمل حتى اهتدى إلى وظيفة «غفير» في مصنع: «أنا لاقيت الشغلانة لمت بعد ظهور التكاتك، فقررت أن أشتغل غفير في مصنع، وساعات بشتغل بأيدي وأنقل حاجات رغم سني، لكن بقول إن السن ده مجرد رقم، وجنب ده كله، لازم أكتب كل يوم حاجة، علشان محسش بالزعل أو الضيق».
صلاح يتعلم القراءة والكتابة
تبدو قصة تعليم «صلاح» مليئة بالمفارقات، فلم تكن أسرته تملك المال الكافى لتعليمه بسبب الفقر، وبدأ يخرج للعمل فى سن صغير، وعندما جاء سن التحاقه بالخدمة العسكرية تغير كل شيء، قائلا: «هنا ظهر القدر لما دخلت الجيش سنة حيث تعلمت القراءة والكتابة، واتفتح أدامي مغارة على بابا من ساعتها وموقفتش قراءة وكتابة في الشعر».
رغم حصول «صلاح» على شهادة محو الأمية، إلا أنه لا يعتبرها أساس قدرته على القراءة والكتابة بل هى مدرسة الحياة التي تعلم الإنسان وتستنطقه فيطلق الكلمات المعبرة عن حاله وإحساسه بلا توقف: «أنا بكتب فى كل وقت وأنا فى الشغل وأول ما أصحى وكل أحلامى أن الاقي شقة تأويني بدل ما باتنطط كل شوية على شقة من شقق أولادى والشقة دى يكون فيها مكتب وكرسي وبس علشان أفضل أكتب الأشعار اللى نفسي حد يكتشفني أما ينشرها في كتاب أو يغنيها مغني أو مطرب والله هيلاقيها حلوة وليها قيمة».