شارع ملئ بالحيوية، على جانبيه قطن متناثر، يسقط على حصير يجلس عليه عجوز، ويلتف حوله الشباب والأطفال يساعدونه في تنجيد القطن وكأنهم يد واحدة، إذ نجحت خطة صاحب الـ63 عاماً، في الحفاظ على المهنة عن طريق أحفاده.
قبل سنوات عديدة وجد صلاح محمد، نفسه في تنجيد القطن وإعادة تدويره، وبرغم ظروف الإندثار التي تواجهها مهنته خاصة بعد انتشار المراتب والمفروشات الجاهزة، إلا أن «صلاح» لم يستطع التخلي عنها، فمراحل حياته وملامح وجه تشكلت معها: «مقدرش أشتغل حاجة تانية أنا ابن الشغلانة دي اتولدت عليها هنا في حي الهرم بالجيزة».
صلاح يعيش على ذكريات الشباب
ذكريات «صلاح» مع مهنة المنجد تلازمه طوال الوقت، فدائماً يشاهد نفسه عندما كان شاباً وصحته تساعده على إنجاز مهامه على أكمل وجه، ويتحسر على تقدير الناس للمهنة الذي تغير بمرور الزمن، فكانوا يلتفون حوله ويتسامرون معه: «أيام متتعوضش كلنا كنا واحد، والمهنة كانت ليها قيمة».
«الفايبر» يسحب البساط من القطن
منذ عدة سنوات ومهنة التنجيد تواجه العديد من عوامل التطور والتكنولوجيا مثل ظهور «الفايبر والإسفنج»، مما أثر على استخدام المراتب والمفروشات المصنوعة من القطن، وجعلها في حالة ركود مستمر كما كان له الأثر السلبي على العاملين بها: «الشغلانة دي كانت فاتحة بيوت ناس كتير قوي سواء تجار القطن أو القماش أو اللي بينجدوا، طبعًا لما جات الحاجات الجديدة بالتدريج الناس بدأت تنسى إننا موجودين، وده أثر علينا والأرزقية بدأوا يقفلوا ويقعدوا في البيت، أعرف أشخاص من وقت ما سابوا الشغلانة مش لاقيين حاجة لحد دلوقتي».
«الفايبر» في مواجهة القطن
هناك الكثير من الاختلافات بين «الفايبر» والقطن منها طبيعة العمل، ووجهة نظر «صلاح» بأن التنجيد له فوائد صحية لا توجد في الأشياء المستحدثة، وأن العمر الإفتراضي له أكبر بكثير من الجاهز، ومن الممكن إعادة تدويره بكل سهولة وبالإضافة إلا أنه غير مكلف إطلاقاً.
على الرغم من ركود المهنة وإحتمال انقراضها تماماً مع الزمن، إلا أنها تستثنى ببعض الأشياء التي لا تستطيع الطرق المستحدثة القيام بها «القعدة العربي»: «التنجيد ده كان حاجة أساسية في جهاز العروسة محدش كان يقدر يستغنى عنها، بس في القعدة العربي اللي لحد النهاردة بتتعمل بالقطن مينفعش تتعمل بحاجة تانية، هي شبه الأنتريه بس على أصغر ومريحة جداً ».
التنجيد من موروثات «صلاح» لأحفاده
يحاول «صلاح» الحفاظ على المهنة بكل الطرق ومن أهمها توريث المهنة لأحفاده: «الشباب الصغير اللي في العيلة كلهم شغالين معايا، بيخلصوا مدرسة ويجوا على طول، علمتهم كل حاجة ولحد دلوقتي بساعدهم وبشرف عليهم».