| صناعة «العود» تهددها «عقدة الخواجة»: على الأصل دور

أنغام مصرية أصيلة تصدر عن آلة ذات أوتار ممتدة ومتينة، بقدر متانة ذلك الفن المتجذر فى المجتمع المصرى، فعلى أنغام العود طُربت الآذان وشدا نجوم الزمن الجميل، وعلى سطحه الأملس أبدع الصناع في تصميمه والعازفون في اللعب عليه، لتحكي تلك الآلة الشرقية الأصيلة عن تاريخ طويل وصناعة عريقة تحتاج إلى الدعم.

«سارة» عازفة في مقتبل العمر، تعلق قلبها بالعود، لتتخذ على عاتقها مهمة نشر معلومات عن تلك الآلة المصرية الأصيلة وتسليط الضوء على صناعتها في مصر، في ظل جهل شريحة واسعة من المواطنين بها، خاصة الشباب، من خلال صفحة أسستها على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، وفيديوهات «لايف» لها خلال العزف أو نشر معلومات عن العود.

بداية العزف على العود 

سارة محمد، 22 عامًا، حاصلة على بكالوريوس زراعة جامعة المنوفية، لكنها تهوى العزف على العود منذ الصغر، وتشارك في منتخب الجامعة للعزف على العود «إبداع»، وفرقة بنها للموسيقى العربية، التابعة لوزارة الثقافة: «كنت أدرس فى سلطنة عمان، وكانت مُدرسة الموسيقى مصرية، وتعزف على العود، وقتها كانت أمنية حياتى أن أعزف على العود أو أي آلة وترية، أحضرت لي المُدرسة آلة المندولين، وتميزت فيها».

بمجرد أن عادت «سارة» إلى مصر، قررت شراء عود، وللأسف تعرضت للخداع: «اشتريت من سمسار عود لا صانع ولا تاجر ولا فاهم حاجة، كمان اشتريت أوتارًا غالية، واكتشفت أنها مغشوشة، وبعد ما تعمقت في الموضوع عرفت التمييز بين الأصلية والمغشوشة».

تجربة «سارة» شجّعتها على إفادة غيرها بنشر معلومات عن العود: «جودة العود تتوقف على عدة عناصر، أولها نوع الخشب المصنوع منه، موسكى، أبانوس، سبروس، كل نوع له صوت وعمر، ودرجات أولى وتانية وثالثة، وكلما مر وقت طويل على الخشب يصدر عنه صوت أحلى، بمعنى أصح العود زي الدهب كل ما يِقدم يحلو ويغلى».

صناعة العود 

الأوتار هى العامل الثاني بعد الخشب تأثيرًا في جودة العود، بحسب «سارة»: «للأسف معظم آلات العود المنتشرة في الأسواق مستوردة ومغشوشة»، مشيرة إلى أن هناك أنواعًا يصل سعرها إلى 5 آلاف جنيه، تكون مصنوعة من أمعاء الغزال والقطط، وتسمى أوتار «VIP خاصة»، كما تصنع الشركات أوتارًا من الحرير والذهب والنحاس والكربون والفضة، وهى تُستخدم كثيرًا فى دول الخليج، لاهتمامهم بصناعة العود وكمالياته، فيطلبون تطعيمه بالصدف من الخارج.

محاربة عقدة الخواجة 

تحاول «سارة» دعم الصناعة المصرية، ومحاربة «عقدة الخواجة» الموجودة حتى في صناعة العود: «للأسف نتّجه إلى العود المصنوع من الخشب المستورد، رغم أن خشب السرسوع أو الليمون والزان والموسكى أفضل منه، كذلك مؤخرًا هناك أوتار مصرية 100% في السوق بكفاءة عالية وسعر مدعم، أحاول نشرها».

وتنصح «سارة» بعد شراء العود من التجار الموجودين في الشوارع الشهيرة، التوجه إلى الصناع فى الورش، ومعظمها موجودة فى منطقة مصر القديمة: «فيه أنواع كتيرة للعود لا يميزها الهواة، أولها العود التعليمي، ويلجأ له طلاب تربية نوعية أو تربية موسيقية، الذين لا يشغلهم نوع الخشب أو أي شىء آخر، ثم العود التجاري المنتشر في الأسواق، والعود الاحترافي، على حسب نوع الخشب ودرجته، أغلى خشب هو الساج الهندى السيسم، وسعره يبدأ من 25 ألف جنيه، وهو يعطى صوتًا جميلاً، لكن الأمر يرتبط بالصانع، ومدى إلمامه بالقياسات الفيزيائية الخاصة بالعود».