منذ ولادته وصوت مطارق الأخشاب تملأ أذنه الصغيرة، ليتبدل الحال بعد عدة ساعات بسماع نغمات جميلة تصدر عن أوتار مستقرة على شكل كمثري به صندوق عميق، أدرك مع بلوغه الخامسة أنها تسمي آلة العود الشرقية، تلك الآلة التي رافقت عائلة خالد عزوز منذ 90 عامًا.
صناعة «خالد» لأول عود في عمر الـ 16
«فتحت عيني على وجود العود في كل مكان»، كما روى خالد عزوز، صاحب الـ 50 عامًا لـ «»، إذ شهد مراحل صناعة تلك الآلة الموسيقية منذ نعومة أظافره، حتى توارث احتراف صناعته من أبيه وجده، واستطاع تقديم أول عود صغير في عمر الـ 16 بعد إتلافه لحوالي 8 آلات عود: «أبويا قالي إنت موهوب».
احترف «خالد» صناعة العود في بداية العشرينات من عمره، عندما أتقن جميع خطوات إنتاجه، التي تتطلب مهارة ودقة عالية، وفقًا لتعبيره، حيث تبدأ الصناعة بإعداد ظهر العود أو ما يسمى بـ«القصعة»، التي تتكون من شرائح من الأضلع يتم لفها على النار ثم تجميعها، لتأتي مرحلة تجهيز «وش» العود، المصنوع من خشب السيدار الكندي أو الخشب السويدي عن طريق وضعه على ماكينة الليرز، وفي النهاية يتم تركيب الوش على القصعة، مع ثبيت رقبة وبنجق العود:« بعدها العود بيدخل مرحلة الدهان ونركبله الأوتار».
تأسيس مصنعه الأول لصناعة العود
«حلمت الورشة تبقى مصنع كبير بيصنع العود من الألف للياء»، إذ استطاع «خالد» أن يحقق حلمه منذ حوالي 6 أعوام بإنشاء مصنعه الأول بحي المرج في القاهرة، لتتحول حرفة صناعة العود من مجرد مهنة توارثها من أبيه وجده إلى شغف كبير، جعله الصانع الرسمي لبيت العود العربي: «عندي 50 حرفي.. وبصنع في الشهر أكتر من 850 عود».
تصدير العود للدول العربية والأوربية
وبعد سنوات قليلة من تأسيس مصنعه، تمكن من تصدير آلات العود الموسيقية لأكثر من 20 دولة عربية وأوربية كالسعودية والسودان وإسبانيا والسويد، كما يستعد حاليًا لافتتاح الفرع الثاني لمصنعه في القاهرة، مُعتبرًا أن السبب الأساسي في شهرة صناعته هو الإتقان والدقة في جميع خطوات العمل، إذ خصص أحد العاملين معه لتجربة كل آلات العود قبل خروجها للبيع أو التصدير: «علشان لو فيها زنة أو مشكلة يتعملها صيانة».
مع توسع تجارته، وكثرة مشاعله، لم يعد لدى «خالد» وقت أو جهد ليعمل بيده في صناعة العود كالسابق: «بحكم السن مبقتش أقدر أشتغل زي الأول.. البركة في العمال»، ولكنه استثنى من ذلك صناعة العود للمحترفين، التي يحب أن يقوم بها بنفسه، حيث قدم مؤخرًا عود للفنان هاني شاكر، وعود آخر للملحن السعودي عبادي الجوهر.
توريث الصنعة لأبنائه
عبر خالد في نهاية حديثه، عن حرصه على توريث «الصنعة» لأبنائه، من خلال تعليمهم احتراف صناعة العود بجميع خطواتها بجانب دراستهم، حتى تظل آلة العود تحمل اسم عائلته: «إحنا جيل بيورث جيل.. اتربينا على الفخر بشغلنا وتقدير الآلة دي».