«يا رايحين للنبي الغالي.. هنيالكم وعقبالي».. في أجواء فرح روحانية مفعمة بالإيمان، تتعالى أصوات الحجاج وأهلهم بـ«لبيك اللهم لبيك»، رافعين أكفهم إلى السماء لشكر الله، والدعاء والاستغفار، فلا يوجد أعظم من أداء ركن الإسلام الخامس.
تتوحد مشاعر المسلمين وتجتمع قلوبهم على طلب الرحمة والمغفرة، ولا تتوقف الألسنة عن الدعاء، راسمين مشهدا مهيبا بدءا من وصولهم إلى الأراضي المقدسة، تلبية لنداء خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، حينما أمره الله بأن يؤذن في الناس بالحج.
وفي هذا نحن منغمسون مع أهل التجربة، نأخذ من ألسنتهم ما عايشوه من محبة وبهاء، في شهادات تزيد المشتاقين شوقا لزيارة بيت الله الحرام، فكانت لـ«» هذه اللقاءات..
عن الرهبة الأولى للقاء تحدث أحد ضيوف الرحمن، كيف شعر وهو يشاهد الكعبة المشرفة لأول مرة يقول الحاج معتز أحمد: «كان شعورا عظيما تغمره الرهبة والجلال والعظمة وكنت قد نسيت كل الأدعية التي عكفت على تجهيزها وحفظها قبل سفري للأراضي المقدسة».
وتابع: الكعبة اللي بنشوفها في التليفزيون غير اللي شوفتها النهاردة ليها هيبة مختلفة خالص، موضحا: شعورنا عند رؤية الكعبة لأول مرة لا يمكن أن ننساه ولا نستطيع وصفه بشكل كامل فهو شعور داخلي يمتزج بالسكينة والراحة بالرغم من أن بيت الله الحرام يكون مليئا بالبشر إلا أنك تشعر كأنك مع الله وحدك.
الحاجة حمدية: بقدم كل سنة للحج ولم أقبل طوال 5 سنوات.. وسجدت شكرا لله فور قبولي
الحاجة حمدية موسى كان لها أيضا تجربتها الخاصة، إذ قُبل منها التقرب إلى الله عبر القرعة بعد 5 محاولات كاملة، تحكي عن تجربتها فتقول «أنا بقدم كل سنة للحج ولم أقبل طوال 5 سنوات، أول ما قالولي إني فزت في القرعة السنة دي سجدت لله سجدة شكر على طول وأنا ببكي ومش مصدقة إني هروح للكعبة»، مشيرة إلى أنها تستيقظ كل يوم قبل صلاة الفجر تدعو الله بقبولها في قرعة الحج إلى أن تقبل الله عز وجل الدعاء وستزور بيت الله الحرام .
وتابعت بعد وصولها للحرم المكي: «والله أول ما شوفت الكعبة حسيت بشعور محستهوش قبل كده حسيت إن صدري اتفتح وكانت رهبة وإحساس مليان بالفرح والدموع.. إحساس لا يوصف»، مضيفة «أول ما شوفت طيور الحمام تطوف أعلى الكعبة اهتززت وسألت نفسي هو أنا بجد ربنا تقبل دعائي وبقيت فى بيت ربنا سبحان الله، كان وقتها يعترينى الشوق دائما لزيارة الكعبة ويزداد الحنين».
وتقول أيضا الحاجة سميحة السيد عندما علمت بفوزها في قرعة الحج هذا العام: «لم أتمالك أعصابي وصرت أبكي من الفرحة والسعادة بفوزي ومش مصدقة نفسي»، مشيرة إلى أنها ذاهبة للحج عن زوجها وعشرة عمرها لـ 36 عاما، على حسب قولها.
تجربة روحية كبرى خاضها زوجها طريح الفراش الذي لم يتوقف لسانه أبدا عن ذكر أشواقه إلى بيت الله وقبر النبي، وتحكي: «زوجي كان مريضا وطريح الفراش وكان يتمنى أن نذهب سويا للحج وحتى يلقى ربه في بيت الله الحرام»، وأضافت: «زوجي فارق الحياة فتمنيت وطلبت من الله أن أحج عنه وأقضي آخر أيامي في هذه الأراضي الطاهرة وأن يأخذني الله إلى رحابه وبجوار زوجي».
الحاجة عطيات: شعرتي أنني ولدت من جديد عند رؤيتي للكعبة
الحاجة عطيات محمد صاحبة الـ 73 عاما، رغم أنها قطعت شوطا كبيرا في الحياة لكنها تتحدث هنا عن تجربة روحية خاصة غير مسبوقة، «الحمد لله الذي أكرمني بزيارة بيته، وعند رؤيتي للكعبة لأول وهلة تهت وتوقفت أنفاسي كأنها ولادتي من جديد».
وأشارت إلى أن الحاج يرى الآلاف من مختلف بقاع الأرض يطوفون حول الكعبة، منهم الكبير ومنهم الصغير والغني والفقير، والأبيض والأشقر والأسود كلهم سواسية يؤدون مناسكهم بلا أي تفاضل بينهم فهذا ينبئك بعظم ديننا دين الله الحنيف.
لكل زيارة بهاؤها الذي لا يخفت مهما تكررت، هكذا يقول أحمد الشيخ وهو مدير فوج الحج الخاص بشركة مصر المعمورة للسياحة، ويضيف «هذه ليست أول مرة أزور فيها الكعبة المشرفة بل ذهبت إليها عشرات المرات ولكن بعد أن علمت أنني سأذهب هذا العام بالفوج الخاص بشركتنا لأداء فريضة الحج لم أتمالك نفسي وأجهشت بالبكاء، فكنت أتمنى كل عام الذهاب للحج وتقبل الله ذلك».
وأضاف أن الرهبة التي تملكته هذه المرة، لا تختلف عن سابقتها، فكأنما هو يولد من جديد على باب الرحمات الإلهية، وكأنما يغتسل من أعوام التعب والجهد، ويضع حمله بين يدي الله وحده، لا شريك له.
وعن شعوره وهو يخدم حجيج بيت الله، يقول إن الفرحة فرحتان، بأن تجنب المشتاق عنت الرحلة أو مصاعب المشاعر، وإن هذا له مذاقه الخاص داخل البعثة المصرية للحج، التي تشهد تآلفا غير محدود، وتفاهما غير محدد.
الحاج خالد: زرت الكعبة قبل 10 أعوام معتمرا
وقال الحاج خالد محمد، أحد الفائزين هذا العام في قرعة الحج: إن زيارة بيت الله الحرام ومشاهدة الكعبة المشرفة هي أمنية نتمناها ونطلبها جميعا من رب العباد، مؤكدا أنه زار وزوجته الكعبة قبل 10 أعوام معتمرين.
وتابع: عندما كنا في العمرة أنا وزوجتي وأحسسنا الأجواء الروحانية الربانية كأننا كنا في الجنة، واتففت أنا وزوجتي على أن نرجع مرة أخرى ولكن حجيج بين يد الرحمن.
وأشار الحاج فرغلي إلى أنه انتظر هو وزوجته خروجهما على المعاش لجمع مكافأة نهاية الخدمة والذهاب بها إلى الحج، مضيفا «هستيرية الفرحة تملكتني بعدما علمنا أننا فزنا في القرعة، فهي فرحة لا توصف بالرغم من أنني عشت فرحة النجاح وفرحة الزواج وفرحة إنجاب أول صغير ولكن مثل شعور النظر إلى الكعبة المشرفة إحساس لا يوصف كأنك لست في الدنيا».
الحاج فرغلي: حاسس إن ربنا راضى عني وعن زوجتي
وأضاف: «أنا حاسس إن ربنا راضى عني وعن زوجتي لأنه استجاب دعوتنا وحلمنا بالزيارة مرة أخرى ولكن حجيج وليس معتمرين، وأول ما دخلت أمام الكعبة مكنتش حاسس بأي حد حواليا غير وأنا ببكي ودموعي على وجهي»، مشيرا إلى أنه أجمل إحساس في الدنيا وله هيبة كبيرة، اللهم عودة مرة أخرى ويقر عين كل مشتاق.