منذ نعومة أظافره وهو يسعي أن يكون مستقلا يهدف إلى الاعتماد على نفسه كي يتمكن من توفير نفقاته الشخصية، لا يريد يكون بلا فائدة تذكر أو نفع، «محمد إسماعيل»، من مدينة الشروق هو ذلك الطالب الذي لم يتكبر يوما وعمل في العديد من المهن المتواضعة حتى وصل به الحال أن يقف على «فرش جزم وشباشب»، وهو في سعادة غامرة بما يقوم به رغم نظرات البعض له بشكل غير جيد.
قصة كفاح العشريني بدأت منذ الخامسة من عمره عندما كان يذهب للعمل في الإجازة الصيفية، ويظل يعمل حتي تنتهي الإجازة وتأتي الدراسة: «الشغل مش عيب، ولو كلنا فكرنا بنفس النظرة دي مش هنلاقي عاطل في مصر، لازم كل الشباب تشتغل أي حاجه علي الأقل منعتمدش على حد».
سنوات الكفاح التي بدأت مبكرا جعلت «إسماعيل» يقتنع أن ما يقوم به ليس عيبا وإنما شجاعة وذكاء بالغ منه، نظرا لأنه الآن ينفق على نفسه ويوفر كتب الدراسة بدلا من انتظار المصروفات منه: «أنا داخل رابعة كلية دار علوم جامعة الأزهر بحتاج فلوس كتير علشان الدراسة والكتب، وبفضل الله ثم شغلي بقدر أوفر كل حاجة أنا محتاجها».
أكثر من 10 مهن عمل بها «إسماعيل» طوال حياته ليس لأنه يمل سريعا ويترك العمل ولكن لأنه يعمل فقط وقت الإجازة، وعندما يعود مرة أخرى للعمل بنفس ما كان يعمل في السابق يجد أن شابا آخر حل محله: «آخر شغلانة كانت في سنترال قريب مننا، فضلت شغال فترة الإجازة كلها لحد ما الدراسة بدأت ولما أخدت إجازة السنة دي حاولت أرجع الشغل تاني لقيت واحد غيري ربنا كرمه بالشغلانة».
لم يجد الفتى أمامه سوى أن يفكر في مشروع خاص ولكنه لم يكن يملك سوى دراجة هوائية فكر في استخدامها في بيع الشاي والقهوة وبالفعل بدأ التجهيز لحلمه: «عملت لها صندوق، وبدأت أفكر هقدم ايه للناس ولقيت إن القهوة والشاي هما أسهل حاجة تتعمل ومش هتحتاج فلوس كتير علشان أبدأ، ونزلت اشتريت المستلزمات والفحم لأني بعمل معظم شغلي علي الفحم وبعدين جبت بوتاجاز صغير علشان أعمل الشاي عليه».
تشجيع الجميع كان دافعا إضافيا له، حيث وجد دعما كبيرا من المحيطين به ليشعر حينها أن ما يقدمه هو أمر جيد: «كتبت على العجلة بتاعتي جملة طول ما التلاجة محتاجة اشتغل أي حاجة، ودي مشهور بيها علي كل الجروبات، ومبسوط باللي بعمله».