| «عابدين» أقدم بائع صحف في بني سويف.. شهد حرب 56 ومازال التاريخ بذاكرته

على أريكة خشبية متهالكة، يجلس عابدين محمد عبدالرحمن، وقد بلغ الشيب منه مبلغه، ترتسم الابتسامة على وجهه، حيث يستقبل الزبائن عند التوجه إليه لشراء الجرائد، والمجلات والكتب، إذ يعمل بمهنته منذ أكثر من 80 عاما.

«عابدين» يبلغ من العمر 92 عاما، يعتبر أقدم بائع جرائد في محافظة بنى سويف، منذ عام 1942، وهو في التاسعة من عمره، ورغم الحروب التي مرت بها مصر 1956، 1973 وغيرها من الأحداث المهمة، إلا إنه لم يتوقف عن مهنته التي أحبها بشدة، بحسب حديثه لـ«».  

كشك صغير، يمتلكه «عابدين» لا يتجاوز 2 متر، يبيع فيه الجرائد، به مخزن صغير يحتفظ بالنسخ القديمة من الجرائد والمجلات المهمة، مضيفا:«إحنا كنا 43 بياع في المحافظه بقينا 6». 

دراية تامة بأحول البلاد رغم عدم معرفته القراءة

من أهم السمات التي يتمتع بها «عابدين» أنه على دراية كاملة بأحوال البلاد، فهو مهتم بالاقتصاد والسياسة، وعلى الرغم من عدم معرفته القراءة والكتابة، إلا أنه مازال مصرا على الاستمرار في العمل، رغم عدم وجود مكاسب كبيرة، بسبب عشقه للمهنة نفسها: «بحب الشغلانة، وأحب أعد جنب الجرايد، وأولادي حاولوا يمنعوني ويقولوا ليا كفاية كده، لكن أنا مسمعتش كلامهم، وهافضل أشتغل فيها لغاية آخر يوم في حياتي».

يبدأ الرجل المسن العمل يوميا من الفجر حتى الظهيرة أو بعد انتهاء الجرائد والمجلات، رغم تأكيده أن الأعداد التي تباع حاليا لا تقارن بالأعداد التي كانت تباع قبل ظهور التكنولوجيا: «الناس كانت بتتزاحم عليا، وفي منهم اللي بيصاحبني، واللي ييجي يقرأ الجرايد بس، ومكنتش بعترض إنما دلوقتي مفيش حد للأسف». 

سبب انصراف الناس عن قراءة الجرائد 

وعبر «عابدين» عن حزنه لانصراف الناس عن قراءة الجرائد بعد أن كان يقبل على شراء الجرائد منه شخصيات مشهورة في المجتمع، مثل المذيع مفيد فوزي، قائلا: «كانت الجرائد هي الوسيلة اللي الناس بتلجأ لها علشان ياخدوا أي معلومة، وأول شيء لبداية اليوم، وأنت قاعد جنب الشباك تشرب كوباية قهوة أو شاي، وصوت أم كلثوم أو فيروز وراك، ساعتها اليوم كان بركة وجميل».