بوجه بشوش يشع طاقة وحيوية، يفترش «عادل محمد»، 57 عامًا، شوارع الدقي في محافظة الجيزة، يجلس خلف طاولة صغيرة تعلوها عملات ورقية ومعدنية قديمة، يعرضها للبيع بأسعار زهيدة، بعد اضطراره للتخلي عن مقتنياته التي ظل يجمعها لسنوات عديدة، حتى يستطيع الإنفاق أسرته، فراتبه الشهري لم يعد يفي باحتياجات أسرته.
يقطن «عادل»، منطقة «بولاق الدكرور»، القريبة من الدقي، اضطر مؤخرا إلى التفكير في عمل إضافي يدر دخلا بسبب الظروف المعيشية الصعبة، وحينما فكر في وسيلة، تذكر هوايته في اقتناء العملات القديمة، فكان الحل في بيع تلك المعملات لتدر دخلا إضافيا بجانب راتبه الشهري الذي يتحصل عليه كموظف في إحدى الجهات الحكومية: «مريت بفترة شدة وضيق ومرتبي لا يكفي، أنا عندي ابن معاق ذهنياً وبنت اتخرجت في كلية الحقوق ومصاريفي زادت ومينفعش أمد إيدي للناس».
«عادل» يجاهد لتحسين ظروفه
يجمع «عادل» النقود والعملات القديمة منذ صغره ويحتفظ بها، فهو يمتلك كمية كبيرة قرر بيعها لتحسين ظروفه، وكانت أول خطوة هي تغليف العملات التي سيعرضها للبيع حتى لا تتعرض للتلف وتظل بنفس الجودة: «لم أتخيل أن يأتي يوما أبيع فيه المقتنيات التي حافظت عليها سنوات طويلة».
«عادل» يبيع ذكرياته القديمة
في البداية عرض «عادل»، العملات القديمة على التجار، وحنما لم يجد عائدا مجديا قرر افتراش أحد شوارع الدقي لبيعها بنفسه، حيث قام بفرش النقود على قطعة بلاستيكية للمارة: «مفكرتش أروح أبيعها لتاجر لأنه هياخد مني الحاجة بسعر ويديها للناس بسعر تاني، بنزل في الأيام اللي بتبقي إجازه من الشغل».
تعلم قواعد بيع العملات خلال أسبوع
لم يمض على نزول «عادل»، للشارع لبيع العملات القديمة سوى أسبوع واحد فقط، لكنه تعلم أصول المهنة ومنها أسباب اختلاف أسعار العملات التي ترجع إلى الجودة وتوقيع المحافظ عليها: «ممكن يكون في ورقتين من نفس العملة بس في واحدة أغلى من التانية وده بسبب الجودة، مثلاً تكون مش متقطعة أو مكتوب عليها».
حيلة «عادل» في البيع
العمل في بيع العملات القديمة ليس سهلاً لذلك يقوم «عادل»، ببيع تلك العملات بأسعار زهيدة حتى يزداد الإقبال على الشراء: «ممكن أتحصل في اليوم على 400 جنيه أو 100 جنيه أو مفيش خالص، ده طبعاً لأني ببيع بأسعار منخفضة جداً، مثلاً المليم اللي من سنة 1973 الناس بتشتريه مني بـ3 جنيهات، أما 10 جنيه من سنة 1949 دي بـ450 جنيها».