على أرصفة شوارع السيدة زينب يجلس «عم عبد الفتاح» الرجل الثمانيني في هدوء، يعرض بضاعته للمارة وعيناه شاردتان، مرتديا الجلباب الكحلي والطاقية السوداء وأمامه كرتونة يضع بداخلها لعب الأطفال «الأراجوز» يبيعها على أمل أن تساعده في توفير قوت يومه، كما أن تجاعيد وجهه ترسم قصة كفاح طويله لأب أفنى حياته في تربيه أولاده.
70 عاما بين تلميع الأحذية وبيع لعب الأطفال
عبد الفتاح الشحات، صاحب الـ84 عاما والمقيم في مركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية يروي في حديثه لـ«» أنه يأتي من القليوبية للعمل بالقاهرة منذ صغره وهو يبلغ من العمر 10 سنوات: «من سنة 1948 وأنا باجي هنا القاهرة وكنت في الأول بمسح الأحذية ولكن لما تعبت وكبرت في السن بقيت أعمل لعب الأراجوز وأجي أبيعها هنا في السيدة»، كما أنه يبيع الألعاب للمارة بأسعار زهيدة: «ببيع الواحدة بـ5 جنيهات» للوفاء بالتزاماته الأسرية.
يعيش الرجل الثمانيني مع زوجته في شقة إيجار بمبلغ قدره 320 جنيه شهريا، مؤكدا أن لديه 3 بنات تتراوح أعمارهم بين 45 إلى 39عاما: «بناتي كلهم علمتهم وبعدين جوزتهم ودول اللي ربنا خلاهم عشان الكبار ماتوا»، فضلا عن فواتير الكهرباء والغاز والمياه والاحتياجات المعيشية الأخرى ما دفعه في النهاية لبيع لعب الأطفال: «باجي كل يوم ثلاثاء وجمعة هنا عند السيدة ولما بكون تعبان مش باجي».
«عم عبد الفتاح» مش عاوز حاجة من الدنيا غير عصاية
مر قطار الزمن على «عم عبد الفتاح» فأفقده صحته وشبابه خاصة بعد وفاة ابنه الوحيد ومازال متأثر بذلك: «كان عندي ولد كبير بعد لما علمته وأخد الثانوية العامة سنه 1986 مات في حادث عربية، ومن وقتها أنا متأثر بيه وتعبت ومبقتش عاوز حاجة من الحياة» مختتمًا حديثه قائلا: «نفسي حد يجيبلي عصاية أعرف أمشي بيها عشان كان معايا واحدة واتسرقت ومش عاوز حاجة تاني».