| «عبده» تحدى إعاقته ببيع «البلالين».. ولقبوه بـ «صانع السعادة»

خطوات بسيطة يسبر بها نحو كسب رزقه، يحمل على كتفه العديد من البالونات التي تختلف في حجمها لكنها تتشابه، حيث تشع ها بالجاذبية والبهجة، تظهر في ساقيه عرجة خفيفة، لكن إعاقته تلك لم تمنعه من مارسة عمله كبائع للبلالين، حيث يقف وسط الشارع المواجه لمسجد سيدنا الفولي بالمنيا، يحاول إيقاف السيارات والمارة بهدوء من أجل الترويج لمنتجه، منهم من يأخذ منه لبشاشة وجهه وبراءته، ومنهم من يشتري بضاعته حتى لو لم يكن في حاجة لها، كي يساعدونه على كسب المال، لعلهم يخففون عنه قسوة الحياة.

عبدالناصر محمد، شاب عمره 20 عاما من مواليد محافظة المنيا، مثال لعزة النفس والكفاح، لم يستسلم لكونه من ذوي الهمم ولديه إعاقة حركية وذهنية تمنعه من الكلام، بل سعى جاهدا ليلا ونهارا، طلبا للرزق من وراء بيعه للبالونات بنطاق مسجد سيدي أحمد الفولي بالمنيا، دون أن يقبل أي مساعدات مادية من أحد رغم ظروفه القاسية.

والدة عبدالناصر: ابني ده هدية ربنا ليا.. وبيحلم بكشك ياكل منه عيش

إعاقة «عبده» لازمته منذ ولادته، حسب حديث والدته لـ«»، ولكنها لم تستسلم هي الأخرى للواقع، بل جالت به على الكثير من الأطباء لأنه كان لا يستطيع الحركة ودائما ما يجلس على الأرض، حتى استمرت رحلة علاجه نحو 16 سنة، حتى جاء دوره في رد الجميل لوالدته وتعويضها عن ما فعلته معه خلال علاجه، ليساعدها ويبيع البالونات ليرد لها الجميل، «الحمد لله ربنا رازقه من بيع البالونات».

أمنية الشاب العشريني هي أن يمتلك كشكا عند ساحة سيدنا الفولي، نظرا لارتباطه الشديد بالمساجد والأضرحة وحفلات الذكر، حتى أنه يسافر شهريا للقاهرة من لأجل زيارة مسجد سيدنا الحسين والسيدة زينب، «ابني عبده ده نعمة كبيرة من عند ربنا وأنا عايشة حياتي عشان خاطره».

«عم جمال»، الصديق المقرب لـ «عبده» منذ أكثر من 10 سنوات، حيث تجمعهما علاقة حب قوية ويحرص دائما على اصطحاب الصغير في كل ليلة ذكر وكل زيارة لسيدنا الحسين، ليأخذه من والدته ويذهب به حفلات الذكر، والأم تطمئن على صغيرها وهو معه كأنه أخيه أو ابنه، «عبده ده طيب ونقي ومش بيعمل مشاكل مع أي حد، كل الناس تحبه»، واستكمل مازحا «عايزين نشوفله بنت الحلال ونجوزه.. أنا عايز أجوزه».

يلتقط «عم جمعة» أطراف الحديث من «جمال»، حول مدح صفات الشاب عبدالناصر، «عبدو شاب مسكين ومكافح بيشتغل عشان أمه وأخواته، وشديد التعلق بالمساجد وبسيدنا الفولي، ويسعى جاهدا ليكسب من عرق جبينه، ولا يقبل الصدقة أو الحسنة».

موقف نبيل لبائع البلالين تتذكره «أسماء صلاح»، التي قابلت «عبده» صدفة أكثر من مرة في محيط مسجد الفولي، «كنت بتصور أنا وصاحبتي مرة في الفولي وشافنا وعطانا بالونات ببلاش عشان نتصور بيها»، تؤكد أنه شخص ملائكي، «حالته على قده ورغم الإعاقة بيكافح وبيشتغل،  ومعروف جوه المسجد ومحبوب للكبير وللصغير ومشهور هناك باسم )(صاحب السعادة)».