| «عثمان» يفاجأ بتكريم غير متوقع من تلميذه بعد سنوات: «عيني دمعت»

30 عامًا مرت على انتهاء علاقة مدرس الرياضيات عثمان عبدالمحسن قنديل، بالطالب النجيب محمد طاهر، الذي درّس له الحساب والأرقام في فترة الثمانينيات داخل أحد الفصول في مدرسة قرية منشأة عبد الرحمن بالمنصورة، وانتهت فترة عمله داخل وزارة التربية والتعليم قبل أعوام بعد أن تجاوز الـ60 عامًا، ليكون آخر عهده في التدريس مكالمات لا تنقطع بينه وبين بعض طلابه، ما دفع أحدهم للتواصل معه وتكريمه بالشكل اللائق لتاريخه التعليمي.

تلقى صاحب الـ64 عامًا اتصالًا هاتفيًا من أحد طلابه، يُدعى محمد محمود طاهر، يدعوه لزيارة سريعة بمقر شركته في القاهرة بعد أن أخبره الأخير، بأنّه كان ضمن طلابه في المرحلة الابتدائية وتوصل إليه من خلال أحد أصدقائه الذي لا يزال على تواصل معه: «محمد كلمني وعرفني بنفسه، وبعدها دعاني أروحله القاهرة وأزوره في الشركة».

«عبدالمحسن»: كنت براهن على نجاحه

يحكي عثمان عبدالمحسن لـ«»، أن المهندس محمد طاهر كان طالبًا ذكيًا ومتفوقًا بين أقرانه في المرحلة الابتدائية، ودائمًا ما يلاحظ تجاوبه وتفاعله المستمر في أثناء الحصة، وهو ما دفعه أن يتحدى به الطلاب على مستوى محافظة المنصورة: «كنت براهن على نجاحه عشان علامات ذكاءه كانت موجودة بس كان عايز اكتشاف، وعرفت فعلًا أنّه تفوق ودخل هندسة».

سيارة خاصة أرسلها المهندس محمد طاهر من القاهرة إلى قرية منشأة «عبدالرحمن» بالمنصورة، تقِل الأستاذ عثمان ونجله في زيارة إلى مقر الشركة بالقاهرة، ليفاجأ الرجل الستيني باستقبال وصفه، بأنّه «فوق الخيال»: «كنت واخد ابني معايا ورايح مقابلة عادية، لكني اتفاجئت باستقبال خيالي منه ومن الموظفين في الشركة، وناس بتسقف وكاميرات بتصور ولحظات كانت صعبة ومؤثرة أوي يصعب وصفها».

«أنا أول ما شوفت ده عيني دمّعت وعيطت»، هكذا وصف «قنديل» شعوره فور وصوله الشركة التي استقبله فيها المهندس محمد طاهر استقبالًا حافلًا يليق بالمعلم الذي كان سببًا في بناء اثنين من أكبر ناطحات السحاب في أفريقيا على أرض العاصمة الإدارية الجديدة بفضل تشجيعه: «في أثناء الاستقبال، محمد بدأ يعرف الموظفين عليا، ويقولهم إني كنت المدرس بتاعه في ابتدائي، واسترجعنا مع بعض الذكريات، وقالي أنّا مفضي نفسي النهاردة عشان أقضيه معاك».

لحظات مؤثرة بين معلم وتلميذه بعد فراق دام لأكثر من 30 عامًا، لتنهال الدموع من عينيهما، ويتبادلان العناق والذكريات، ليخبر «طاهر»، معلمه كيف قرر أن يرد له الجميل، فقرر إطلاق اسم عثمان عبدالمحسن قنديل، على أول دور في أكبر مدينة رأسية في أفريقيا تولى بنائها داخل العاصمة الإدارية ويرأس مجلس إدارتها.

رحلة عمرة هدية للمعلم عثمان عبدالمحسن

شعور بالسعادة لا يوصف، ترجمه «عثمان» في بعض الكلمات، قائلًا: «أنا اشتغلت 40 سنة في التدريس، وحسيت إني تعبي كله نسيته في اللحظة دي بس»؛ إذ لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل قرر «طاهر»، أن يتبرع بجائزة تقدم كل عام للمدرس المثالي في محافظة الدقهلية، على أن يكون اسم هذه المنحة هو جائزة المعلم «عثمان عبد المحسن قنديل» للمعلم المثالي، كما سلّمه درع التميز الذي يعد أهم درع في الشركة.

زيارة استمرت حتى الثامنة مساءً، شهدت إقامة وليمة على شرف حضور «عبدالمحسن» إلى مقر الشركة، كما قرر «طاهر» أن يأخذ المعلم الجليل في جولة داخل العاصمة الإدارية ليتعرف على أبرز مبانيها مثل مسجد الفتاح العليم: «باشمهندس محمد وعدني كمان أنه هيسّفرني رحلة عمرة، ووراني البرج اللي بدأ الشغل فيه، ولما طلبت استأذن وأمشي جات لي العربية تاني ووصلتني لحد البيت»، بحسب «عبدالمحسن».