حياة نشطة كان يعيشها علي محمد عوض، مثل غالبية الشباب في عمر 18 عاما وقتها، ترك كفر الشيخ للعمل «نقاشا» بالإسكندرية منذ 6 سنوات، وبها تعرض لحادث غير مسار حياته وألزمه كرسيا متحركا، إذ اعتاد مع صديق له القفز من أعلى صخور بأحد الشواطئ داخل المياه، وبعد عدة قفزات انتهت آخرها باصطدام رأسه بالرمال وغاص في المياه مغما عليه.
كسر في الفقرتين الخامسة والسادسة.. هذا ما اكتشفه الأطباء بعد وصول «علي» للمستشفى وتشخيص حالته، الأمر الذي أدى إلى ضغط على الحبل الشوكي نتج عنه شلل رباعي، بحسب حديثه لـ«»: «جسمي كله اتشل، واتكفيت على وشي في المياه»، إذ نطق صاحب الـ23 عاما الشهادة مرتين ظنًا منه أنه سيفارق الحياة بعد أن ظل دقيقتين داخل المياه، ثم دخل في حالة إغماء استيقظ منها على الشاطئ.
اكتئاب وملل ثم عودة إلى الحياة
انتقل «علي» إلى مستشفى رشيد بالإسكندرية، وعلمت أسرته بالحادث بعد وقوعه بـ7 ساعات: «كل شوية أدخل غيبوبة وأفوق»، مضيفًا أنه ظل بها لمدة 4 أشهر، وانتقل بعد ذلك للمنزل الذي لم يستطع الاستمرار به: «اتبهدلت وجالي قرح فراش»، كما أن حالته كانت تحتاج لتعامل خاص، فعاد مجددًا إلى المستشفى وظل بها لمدة 8 أشهر أخرى.
عام ونصف عاشهم «علي» في حالة من الاكتئاب والملل لما حدث له، خاصة أنه كان كثير الحركة قبل الإصابة، ويمارس ألعاب قوة وجمباز: «والدي صرف عليا كل اللي حيلته» ولكن دون نتيجة، ليقرر بعدها العودة إلى الحياة والخروج من عزلته والمواجهة.
وبالفعل بدأ «علي» التواصل مع مصابين من نفس حالته، وإفادتهم من خلال تجربته، وتعليم أسرهم طرق التعامل الصحيح مع نفس حالة إصابته، وكيفية التعايش معها.
حب الرياضة من قبل الحادث ألهم «علي» بممارسة البسيط منها، فتعلم تنس الطاولة منذ 4 أشهر، وشارك مع فريق تابع لمؤسسة خيرية في التمرينات، متخطيًا كل الصعوبات المتعلقة بالحركة على الكرسي المتحرك: «بلف أستك عرضه 15 سم على إيدي والمضرب عشان أعرف أمسكه»، وفي ذلك الوقت القصير حقق منذ أيام المركز الثالث في بطولة الجمهورية للناشئين في لعبة تنس الطاولة.
الأسرة كلمة السر
أسرة «علي» كانت كلمة السر في دعمه وعودته لممارسة حياته بشكل طبيعي، فالوالدان دعماه في كل خطواته، وشقيقه الصغير يسانده في تنفيذ كل أمور حياته واستخداماته الشخصية، متمنيًا أن يستطيع الحركة كما كان قبل الحادث، خاصة أن الأطباء أبلغوه أن الحل الوحيد لحالته عملية تسمى «الشريحة الإلكترونية»، إلا أن تكلفتها تتخطى مليون جنيه، أو عن طريق العلاج الطبيعي المكثف، والذي يحتاج لمبالغ مالية كبيرة، ولكنه في جميع الحالات راض بقضاء الله، ويستكمل حياته دون توقف أو شعور بالعجز.