قدر معاناة أهله للإنفاق عليه ورعايته، فقرر علي محمود، أن يرد الجميل باكراً، بتحمل كل النفقات بعد مرض والده، ورفض أن يساعده أحد بل قرر أن يكون الرجل الثاني لأخواته، ولم يفكر في نفسه للحظة بل وجد صاحب الـ21 عاماً، روحه موجودة في كل فرد من أهله.
معاناة «علي» تبدأ منذ صغره، حيث كتب عليه الشقى والتعب من يوم ميلاده، وكأن الدنيا تعانده فلم يعش طفولته مثل باقي الأطفال، بل يقف على أبواب الحدائق والمدارس، وبنظرة مؤلمة يرى الصغار يتعلمون ويلهون، ويبكي قلبه تحسراً على نفسه التائهة بين أحلام قام القدر بدفنها: «أنا مدخلتش المدرسة عشان ظروفنا كانت وحشة، حياتي مؤلمة من ساعت ماجيت الدنيا، اتولدت على الشقا، نصيبي جه كدا، كل واحد بياخد رزقه والحمد لله على كل حال أنا راضي».
«علي» العائل الوحيد لأسرته
دون سابق إنذار وجد «علي» نفسه مضطر للخروج إلى الغابة البشرية، حتى يستطيع الإنفاق على والده المريض ووالدته وأخواته الثلاثة، فوجد الحمل ثقيل عليه يكاد ينكسر ظهره الذي لم يجد أحد يحنو عليه: «والدي تعب في رجله معدتش قادر يشتغل أو يعمل حاجة، وطبعا أمي ست بيت وعندي أخ وأختين دول لازم أجهزهم وأخليهم مش محتاجين حاجة دول من دمي».
«علي» يبيع الذرة المشوي
يقف «علي» في أحد شوارع الدقي أحد أحياء محافظة الجيزة، يبيع الذرة المشوي، «ببيع من 200 إلى 300 كوز في اليوم»، ويبلغ ثمن الواحد 5 جنيهات، ويتحصل على يومية 50 جنيها من صاحب العمل: «أنا بشتغل عند واحد بيجيب الذرة من صفط اللبن، وأنا بقف على ترابيزة بحط عليها شواية فحم وأشوي الذرة».
أمنيات «علي»
يعيش «علي» مع أسرته في شقة إيجار بمنطقة مطار إمبابة في محافظة الجيزة، ويتمنى أن يأتي اليوم الذي يزول عن كاهله هذا الحمل الثقيل، يقدرته على تحمل نفقات زواج أخواته البنات، وسيكون أفضل يوم له عندما يتعافى والده المسن البالغ من العمر 61 عاماً: «نفسي أكون نفسي وأتجوز ويبقى عندي أسرة زي أي شاب بس دا مش هيحصل طبعاً إلا لما أجوز أخواتي، وأطمن على أبويا».