استيقظ الطفل عمر إبراهيم، ارتدى ملابسه، ثم أخذ الـ«توك توك» من مالكه، وانطلق به من قريته «خان الجنى»، التابعة لمركز مطوبس فى كفر الشيخ، باحثاً عن «الزبائن»، حيث يعمل سائقاً باليومية، بعدما أنهى امتحانات الصف الثانى الإعدادى، ليساعد أسرته المكونة من 4 أفراد فى المصروفات اليومية.
وبينما كان «عمر» فى طريقه للبحث عن الزبائن، استوقفه الدكتور هانى السعدى، أحد أطباء المنطقة، دون سابق معرفة، وطلب منه توصيله إلى القرية المجاورة للجزيرة الخضراء، دقائق معدودة وصل السائق والطبيب إلى وجهتهما، لكن الأخير نسى هاتفه المحمول داخل «التوك توك»، ولم يعلم «عمر» بوجوده إلا حينما رن الهاتف، ليجيب عليه ويذهب إلى الطبيب ليرد إليه الهاتف.
«أبويا عوّدنا على الأمانة، زباين كتير بينسوا حاجات فى التوك توك، وأنا شغال عليه باليومية، بس عمرى ما قبلت الحرام، أنا بساعد فى الإنفاق على أسرتى بالحلال، الدكتور نسى التليفون فى التوك توك، وماعرفتش غير وهو بيرن، قُلت له أنا لاقيت التليفون، ودقايق وأجيبه لحضرتك، كان تليفون سعره يتعدى الـ10 آلاف جنيه، والدكتور كافئنى وكنت رافض المكافأة»، هكذا شرح «عمر» الموقف الذى كشف عن أمانته وشجاعته.
«عمر» الذى يسكن وأسرته فى منزل جده لأبيه، يتقاضى نحو 30 أو 40 جنيهاً بشكل يومى، ويحاول ادخار جزء منه للمستقبل، حيث يعمل والده سائقاً على سيارة أجرة، ولا تمتلك الأسرة دخلاً ثابتاً، وفق إبراهيم أبوعرب، والد الطفل: «علِّمت ولادى الاتنين العيش بالحلال رغم ضيق الحال، أنا سواق وماليش دخل ثابت وعايش مع والدى، وولادى الاتنين بيشتغلوا ويساعدونى، وكمان بيحوّشوا علشان يكوّنوا نفسهم، عندى محمد فى أولى صنايع، وعمر داخل تالتة إعدادى».
50 جنيهاً كانت مكافأة «عمر» من الطبيب: «الدكتور أدانى 20 جنيه قيمة الأجرة و50 جنيه مكافأة، وماكنتش هاخدها لأنى مش متعود آخد أكتر من حقى، لكن هو حلف عليّا».