كعادته كل يوم يتوجه إلى محله، يبدأ يومه في تمام الثامنة صباحًا، يجهز أدواته الخاصة بصناعة المفاتيح والتي بدأها كمهنة منذ ما يزيد عن الأربعين عاما، بصبر شديد نالته تلك المهنة من «عم حمدي»، الذي عاش بين جدران تلك المهنة منذ ثمانينيات القرن الماضي يصنع من المفاتيح أشكالا ومقاسات مختلفة.
وراء كل مفتاح حكاية تتألف في روايات كثيرة رآها وعاشها «حمدي بلاش» ابن قنا، لينتقل بينها ويجمع إرثه المميز لتجربة خاض بها الكثير من الصعوبات في تلك المهنة، إذ روى «حمدي» لـ «»: «بدأت أشتغل في المفاتيح بعد ما كنت بشتغل ميكانيكي، وتعبت فقررت أدور على مهنة تكون أسهل وتريحني ولقيتها في المفاتيح، بالرغم من أنها مش مربحة زي الميكانيكي بس كفاية راحتي».
صعوبات في بداية الرحلة
لم يكن الأمر في البداية بالسهولة الكافية، لتمكن «حمدي» صاحب الـ62 عاما، من السير في تلك المهنة بسهولة، لكن تطلب الجد والقدرة السريعة على الاستيعاب والفهم لطبيعة المهمة وزبائنها من مختلف الأماكن، خاصة أن زبونه الأول من طلاب المدن الجامعية الذين يترددون كثيرًا على محله طوال فترة الدراسة، لذا عليه أن يكون حريصًا في التعامل معهم.
زبائن لا تنسى في حكايات عم حمدي «اتنصب عليا كتير من الزباين، في اللي ييجي يقولي اعمل المفتاح هروح أسحب فلوس وأجيب ليك وميجيش تاني، وفي اللي أبقى واقف وبعمل المفتاح على المكنة فيسرق مني حاجات وأنا مشغول في شغلي»، هكذا أضاف «حمدي» على يوميات بسيطة تعلمها منها الكثير في بداية عمله مع الزبائن بمختلف أشكالها.
بمواقف مختلفة كثيرة عاش من خلالها «حمدي» في تلك المهنة لم يخلُ الأمر من الشوائب، إذ تعرض «حمدي» للكثير من المواقف العجيبة من ضمنها: «واحد ييجي ليا بيترعش ومعه مفتاح عايز يطلع عليه نسخة، أفهم أنه سرقة أو ممكن يكون حرامي أهدده إني طلبت أمن الدولة، في لحظة ميكونش في المحل يجري، وواحد تاني يكون جايب صابونة وعايزين أطلع عليها بفهمهم على طول».
خير زمان راح ومش راجع
«الخير زمان كان كثير يمكن سعر المفتاح كان أقل كان بـ75 قرش، لكن كان في بركة، بس دلوقتي المفتاح بقى بـ5 جنيه بس مفيش بركة الفلوس تتبخر»، بكلمات بسيطة وضَّح بها «حمدي» فروقات زمنية عاشها بين أجيال مختلفة، موضحًا اختلاف الأخلاق الذي انعدم في زمننا الحالي، بحسب تعبيره، إذ كان المقياس بالأدب والأخلاق، لكن في الوقت الحالي انعدم الأدب.