شعر طويل ولحية كثيفة بيضاء وأظافر يبدو أنه لم يتم تقليمها منذ زمن بعيد، وملابس مهترئة، تخفي تحتها جسده المنهك وجلده المتهالك، هكذا يبدو «عم عربي»، الذي ما أن تنظر إليه حتى تُدرك أن خلف تلك الهيئة سببٍ قوي دفعه للتشرد.
عربي خليل، الذي تجاوز الـ80 عامًا، كان قبل ما يقرب من 50 عاما يعمل بدولة السعودية في تركيب السيراميك، وكان على درجة عالية من الغنى والنظافة، بحسب قوله وشهادة جيرانه: «كنت شغال بتاع قيشاني في السعودية.. دلوقتي شغال بتاع زبالة»، هكذا قال «عم عربي» بصوته المبحوح في حديثه لـ«»، وكان في أحيان كثيرة ينظف الشوارع من حوله، دون أن يطلب منه أحد.
«عربي» يعيش مشردا بين القمامة
يقضي «عم عربي» يومه بين ملازمة شقته ذات الجدران المتهالكة، والمليئة بأكوام الزبالة، والجلوس بمفرده في مكانٍ يُسميه «الجبل»، آخذا معه «جردل» بلاستيكيا يحوي «كنكة» وكوبًا زجاجيًا وأدوات أخرى يستخدمها في الطهي وعمل الشاي، والغريب أنه يرفض الطعام المُقدم له من الجيران ويظل في مكانه هذا، ينتقي من الزبالة ويضع في أداة الطهي التي معه وقد أشعل أسفلها قطعا من الخشب ويستمر في تجهيز طعامه.
«عم عربي ده كان ريحة البرفان بتاعه بتتشم من آخر الشارع، كان أي حد في المنطقة يتمنى بس يتكلم معاه.. اللي حصله ده بسبب موت مراته، كان يعشق حاجة اسمها مراته»، هكذا حكى جيران «عم عربي»، الذين يقدمون له الطعام في مرات عديدة، إلا أنه يرفض أحيانا، وأحيانا أخرى يأخذه منهم ولكنه يضعه بجانبه ولا يأكله إلا بعد مرور عدة أيام؛ ليكون قد تعفن تماما.
يسير مرتديا ملابس زوجته في الشارع
يجلس «عم عربي»، بهدوء شديد دائما، ولا يثور أو يغضب على أحدٍ من حوله، وبمجهود قليل تستطيع معرفة قصته والمعروفة وسط جميع جيرانه، فبعد موت زوجته منذ ما يقرب من 40 عاما، تعرض لأزمة نفسية شديدة كانت تدفعه أحيانا للنزول إلى الشارع مرتديا ملابسها بين الناس، كما تركت له زوجته ابنًا وابنة، إلا أنهما تركاه بعد زواج كل منهما ولم يعتنيا به أو يأتيا حتى للاطمئنان عليه.
شقته «كوم زبالة»
يعيش «عم عربي» في شقته التي تزوج بها، وهي ملكٌ له، إلا أنه بمرور السنوات قُطِعت عنها المياه والكهرباء بعد توقفه عن دفع الفواتير المتأخرة، وأصبحت مجرد جدران تحوي في وسطها أكوامًا من الزبالة، وبرغم هذا الحال الذي عليه «عم عربي»، إلا أنه يتميز بدرجة عالية من القناعة والكرم؛ فهو لا يأخذ الطعام إلا إذا كان جائعا وأحيانا يرفض تماما، كما أنه ما تجلس بجانبه حتى يجود عليك بكل ما جمعه، سواء ممن حوله أو من أكوام الزبالة.