يرتدي ملابس رثة ومتهالكة، ملامح وجهه تشف عن آلام لا توصف، يفترش الشارع منذ أشهر عديدة، تخلى عنه الجميع ليصبح وحيدًا لا يعرف سوى الكلاب والقطط التي كانت تؤنسه بين فترة وأخرى، لا يمتلك حتى القدرة على التحرك من مكانه من يعطف عليه بقليل من الماء والطعام يشكره ومن الممكن أن يظل بضعة أيام في صيام، تلك هي الحالة التي كان عليها «عم محمد» لتنقذه دار رعاية من مصيره المأساوي.
يحكي المهندس محمود وحيد، صاحب مؤسسة معانا لإنقاذ إنسان، أنه تلقى بلاغًا بوجود «عم محمد» في سوق السيارات القديمة في مدينة نصر بالقاهرة، لينتقل فريق الإنقاذ إلى المكان، ويجدون الرجل الخمسيني في حالة مزرية للغاية ولا يقدر على الحركة: «أولاده رموه واتخلوا عنه، وفضل عايش في الشارع 4 شهور».
«اسمه محمد محروس محمد أحمد، وعمره 53 سنة، وكان شغال كل حاجة علشان يصرف على أولاده لحد ما طردوه من البيت وحياتهم».. تبنى «وحيد» حالته، وبحسب حديث المشرد له، فإنه عمل في الكثير من المهن كي يتمكن من الإنفاق على أسرته ولكن كان مصيره الجحود وقسوة القلب، إذ تعرض إلى حادث وخضع لعملية واضطر للجلوس على كرسي متحرك «على حسب كلامه معانا كان بيشحت منهم المياه والأكل وكان حاسس أنه تقيل جدًا عليهم بس مكنش متوقع أنه هيكون مصيره الشارع وهو بحالته دي، وكان نفسه أنه يقدر يمشي ويتحرك علشان يقدر يخدم نفسه وميحتاجش لحد»، بحسب حديث «وحيد» لـ«».
«عم محمد» عانى من ظروف صحية سيئة ودار الإنقاذ تتدخل
عانى الرجل الخمسيني من حالة صحية سيئة للغاية، وبعد الكشف عليه تبين أنه لديه أثر عملية بالفخذ لتصليح كسر، وكسر مضاعف بعظمة الفخذ بالإضافة إلى فطريات بالقدم وكسر بالفقرات العنقية وجروح سطحية وضعف عام بالجسم: «إحنا روحنا يوم 5 نوفمبر اللي فات، وهو قعد عندنا أسبوع واتعمل ليه النظافة الشخصية والتحاليل الطبيبة اللازمة وإشاعات على الكسور وهو بيقول أنه وقع وده سبب الكسر؛ لأنه مريض وغير قادر على خدمة نفسه، وتم علاج الفطريات والجروح خلال فترة إقامته، لحين استلام زوجته ليه إمبارح، هي قالت إنها شافت البوست اللي نزلناه وحابة هي والأولاد يصالحوه ولما سألنا عم محمد وافق أنه يروح معاها».
وقعت الزوجة على إقرار باستلام المشرد كي يعود إلى أحضان أسرته مرة أخرى: «احنا بنتابع طبعًا حالته ولو رصدنا أي إهمال هناخده ونتكفل بيه».