| «عم محمد 57 سنة» فقد عمله ولجأ لبيع المناديل بالشارع.. صحته خانته

دموع غزيرة وثقيلة سقطت على خدي الرجل الخمسيني «عم محمد»، وهو يجلس على رصيف أحد شوارع حي الدقي بمحافظة الجيزة ومعه عددًا من علب المناديل والكمامات يحاول بيعها للمارة لينفق على أسرته، تلك المهنة التي لجأ إليها مرغمًا بعدما أصيب بآلام في الظهر حالت بينه وبين الاستمرار في عمله كـ«شيال» في أحد أسواق الخضار.

مشاعر مختلفة من القهر والعجز تملكت على قلب محمد حامد، صاحب الـ57 عامًا، وهو يجلس على الرصيف مغلوبًا على أمره لا يدري أهل يظل باقيًا في مكانه متقبلًا النظر إليه كـ«متسول»، وهو ما يجرح كرامته بشدة؛ كونه لم يعتَد أن يمد يده يومًا، أم يعود إلى منزله ويظل بلا عَمل ليتقابل كل يوم مع انتهارات وتبكيتات زوجته والتي تهينه في عقر كرامته كرجل وكزوج، وبالرغم من الحيرة لكنه يبدو أنه آثر مواجهة الناس؛ إذ أنهم وإن قَست نظراتهم فهم أغراب لا يعرفونه.

تدهور حالته الصحية وفقد عمله

«كنت شغال وبكسب وزي الفل، لكن من 8 سنين بدأ ضهري يتعبني وكنت ماشي بالمسكنات، لحد لما الألم زاد بعدها ومقدرتش أشتغل بكل مجهودي فصاحب الشغل مشاني».. هكذا قال «عم محمد»، وهو يروي سبب لجوئه إلى الشارع، وأنه فقد عمله منذ نحو 5 سنوات، ما منعه بالطبع من شراء المسكنات أو الأدوية، وبالتالي تفاقم الآلام وتمكنها منه.

خلال السنوات الخمس الماضية لم يستسلم «عم محمد»، ابن حي بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة لتدهور حالته الصحية سواء بسبب آلام فقرات ظهره أو الخشونة الشديدة التي تمكنت من ركبتيه، فحاول مرات عديدة البحث عن عمل، إلا أن كل طرقاته كانت تواجه بالرفض ولسبب واحد لم يتغير: «كله بيقول ده في سن المعاش، أشغله أعمل بيه أيه»، لديه 4 أبناء أكبرهم متزوج ويعيش منفصلًا، وأنه ليس لديه أي مصدر دخل آخر يعول به باقي أفراد أسرته.

«عم محمد»: نفسي أشتغل أي حاجة وآكلها بالحلال

بالرغم من الحالة الصحية لـ«عم محمد»، وتألمه من نظرات المارين عليه والتي تجعله يجلس معظم الوقت على الرصيف مطئطئًا الرأس، إلا أن أكثر ما شيَّع المرارة والحزن في قلبه هو تذكُره تبكيت زوجته الدائم له كلما عجز عن إعالة الأسرة: «مراتي مش طايقاني يا أستاذ، دانا ساعات لما ميكونش معايا فلوس علشان أتجنب إهانتها ليا ببات في الشارع في أي جنينة»، قالها الرجل الخمسيني بدموع لا تتناسب مع سنه أو لحيته البيضاء، وأنه يتمنى الحصول على معاش تكافل وكرامة أو منحة العمالة غير المنتظمة: «نفسي أشتغل أي حاجة سواء عامل نظافة أو حارس أو سايس.. أي حاجة مش هقول لا بدل مانا بتسول كده.. نفسي أقضي باقي أيامي بالحلال».