| «عنايات» تبيع الخبز لتنفق على ابنتها اليتيمة: «نفسي في مكان يسترني»

اعتادت على الشقاء واعتاد الأخير على جسدها، رغم تخطيها العقد السادس من عمرها، صار العمل بالنسبة لها مسألة حياة أوموت، لم ترح جسدها يوما.. تعمل ليل نهار كي تستطيع تدبير نفقات علاج زوجها بعد تعرضه لأكثر من حادث سير، وقبل سنوات توفي الزوج بعد معاناة مع المرض، تاركا ابنتها لتتكفل الأم بمصروفاتها.

تجلس «عنايات»، 60 سنة، بصمتها المعهود أمام طاولة تعلوها أكياس ممتلئة من أرغفة الخبز يوميا، تنتظر زبائنها لبيع بضاعتها: «وُلدت في محافظة بني سيوف بصعيد مصر، وجئت إلى محافظة الجيزه قبل 35 عامًا برفقة زوجي وسكنا في أحد شوارع حي الدقي»، قالتها عنايات، مشيرة إلى أن زوجها كان يعمل حارس عقار.

وفاة الزوج في حادث سير على الطريق 

عاشت عنايات مع زوجها مصطفى السيد، حارس أحد العقارات بحي الدقي، وبعد زواجهما تعرض لحادث أقعده عن العمل وباتت الزوجة مسئولة عن علاجه وتربية ابنتهما: «جوزي أتوفى من 5 سنين خبطته عربية على الطريق.. وقبل ما يتوفى تعرض لأكتر من حادث وكنت بشتغل علشان أصرف على علاجه»، بحسب «عنايات»، مشيرة إلى أنها تعيش الآن برفقة ابنتها «فاطمة» صاحبة الـ 20 عامًا.

تستيقظ الأم في الخامسة فجرًا، وعقب آدائها صلاة الفجر تخرج لتعرض بضاعتها على طاولة خشبية، تنتظر أن تعود آخر اليوم بما يكفي مصروفات ابنتها: «بعد وفاة جوزي سكان العمارة قالوا لي هتروحي ببنتك فين؟! خليكي هنا.. وأدوني أوضة في المدخل عايشة فيها أنا وبنتي».

«عنايات»: نفسي في مكان يسترني أنا وبنتي 

بالرغم من كل ما تتكبده «عنايات»، من مشاق خلال رحلتها اليومية التي تصل لـ 9 ساعات، على رصيف أحد الشوارع مُتحملة لفحات البرد القارص في الشتاء، ولسعات الشمس الحارقة في الصيف، إلا أنها لم تعر اهتمامًا لكل ذلك، ولم تتمنَ سوى مكان صغير تعيش فيه برفقة ابنتها: «مش عايزة غير شقة أو حتى أوضة صغيرة تسترني أنا وبنتي..السكان دلوقتي سايبنا نعيش في أوضة في العمارة، بس أنا مش ضامنة بعدين ممكن يحصل أيه.. عايزة لما أموت أبقى سايبة بنتي وأنا متطمنة عليها وعارفة هي هتعيش فين».