فن الرسم على جدران المنازل، وتجسيد رحلات الحج والعمرة، وبعض المناسبات، من الفنون التي أوشكت على الانقراض ولم يحافظ عليها إلا قلة قليلة من أبناء قرى الصعيد، منهم عيد السلواوي الذي تتقن أصابعه باستخدم قطعة صغيرة من جريد النخيل، رسم الجداريات بأحلى الأشكال الفنية التي لها تاريخ طويل من الأصالة والتراث.
من خلال هذا الفن يجسد «السلواوي» الذي يبلغ من العمر 72 عاما، رحلات الحجاج، بداية من تجسيد الطائرة التي تنقل الحجاج إلى الوصول لبيت الله الحرام ورسم الكعبة، ومن حولها من الطوافين، أو الواقفين بعرفه، وكتابة بعض العبارات التي تخص مناسك الحج مثل: «حج مبرور وذنب مغفور»، و«لبيك اللهم لبيك».
بداية «عيد» مع هذا الفن
قضى ابن قرية سلوا بمحافظة أسوان، جل عمره في ممارسة هوايته التي تعلمها من أعمامه في سن الطفولة، محاولًا بكل ما أوتي من قوة أن يحافظ على تلك المهنة التي يدق ناقوس الانقراض أبوابها، فيروي لـ«» أنه ومنذ أكثر من ستين سنة بدأ في تعلم فن الرسم على الجداريات، ثم التحق بالخدمة العسكرية وبعد أن قضاها، بدأت رحلته في العمل منفردًا: «أول ما خلصت جيش كنت في موسم حج فبدأت أرسم على بيوت الحجاج».
وفي غير موسم الحج يُطلب الرجل السبعيني، لرسم جداريات البيوت في بعض المناسبات كالعرس: «بجسد على جدار صاحب الفرح الأشاخص اللي بيمسكو بالمزمار والطبل البلدي، وبرسم الخيول والجمال بمختلف أشكالها»، بجانب ذلك يتقن تخطيط جداريات المساجد، والأماكن العامة والخاصة، بكل ما تحتاج إليه من دقة في الأداء ومهارة في الرسم.
أدوات «عيد» في الرسم
يستخدم «عيد» في رسم جدارياته قطعة من جريد النخل لا يتعدى دولها الـ20 سنتيمتر، يقوم بدق أحد طرفيها بالحجر إلى أن تتنعم، ثم يتم وضعها في الماء لمدة أسبوع، لتصبح جاهزة في الاستخدام، لنقش الأشكال المختلفة، ويرفض استخدام أي أدوات حديثه تساعده على ذلك كالفرشاة أو الريشة: «مش بعرف ارسم غير باستخدام الأداة دي، لأن إيدي اتعودت عليها».
انفرد «السلواوي» في منطقته بتلك النوعية من الفن، وبهذه الأدوات المستخدمة منذ عشرات السنين، وليس هناك منافس له في تلك المهنة، حتى إنه فكر في توريثها لأبنائه لكن بلا جدوى: «دخلت واحد من أبنائي كلية فنون جميلة، وبيطلع معايا الشغل أحيانًا، وبيعرف يقلدني لكنه مش بيقدر يرسم أغلبية الرسومات زيي».