أطلقت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية الفيلم القصير «العمارة»، عبر باقة قنواتها المختلفة، في قالب درامي وثائقي يتناول أحداث اجتماعية وسياسية بمشاهد رمزية، عكست واقع الحياة في مصر خلال الفترة ما بين ثورتي 25 يناير و30 يونيو، إذ كشف ملامح من مخططات وألاعيب التنظيم الإرهابي لتقسيم المجتمع، عبر إحدى العمارات المليئة بالمشكلات، أصبحت خالية من اتحاد الملاك، ما دفع سكانها إلى البحث عن من يديرها، ليخرج أحد الأشخاص المنتمين إلى التيارات المتشددة، ويسيطر على شؤون العمارة ويجبرهم على الموافقة على كل ما يريد، رغمًا عنهم.
زرع الفتنة بين سكان العمارة
جسد الفيلم بحبكة درامية متقنة، صورة رمزية مصغرة لما شهده المجتمع المصري في تلك السنوات العصيبة، عبر تجسيد محاولات وخطط إثارة الفتنة بين سكان العمارة، تحت راية الدين تارة والامتيازات الفئوية تارة أخرى، والتمييز في المعاملة والخدمات بين سكان الشقق، وإثارة الخلافات والمشكلات بينهم، بهدف تفريقهم ومنع أي فرص لاتحادهم، ثم استقطاب أطراف لمواجهة جيرانهم المعارضين لسياسات إدارة العمارة.
وبرع الممثلون خلال أحداث الفيلم، في رصد حالة الشقاق والاستقطاب والصدام التي ضربت المجتمع في فترة حكم الإخوان، من خلال نموذج العمارة، لتوضيح كيف بدأ نظام الحكم الفاشي ممارسات الإرهاب والعنف ضد الجميع، دون تفرقة بين كبير أو صغير، رجال أو نساء، شباب أو مسنون، مسلمون أو مسيحيون، ليظهر الوجه القبيح الذي تبنى سياسات المعاداة والظلم للجميع، بداية من المعارضين حتى المؤيدين من غير أهله وعشيرته.
وأبرزت أحداث الفيلم مراحل الاتحاد بين جميع أطياف الشعب المصري في مواجهة نظام الإخوان الفاشي المستبد، عبر لقطات أرشيفية من أرض الواقع، تخللتها مشاهد تمثيلية لسكان العمارة، تبرز اتحادهم على قلب رجل واحد في مواجهة الطغيان الأعمى، الذي مارس المضايقات على جميع السكان، وزرع الفتن بينهم، وفرض سطوته عليهم، من أجل أن يستأثر بكل شيء لنفسه ولأهله، ويحلل ويحرم ما لا يتوافق مع أهوائه، تحت راية الدين، حتى تسارعت المواقف وتراكم الغضب، وبات الانفجار وشيكا.
«تعطيل الأسانسير» يحرك الغضب ضد مدير العمارة
جسد أحد مشاهد فيلم «العمارة»، حالة الرفض بين السكان، بعدما رفض أحدهم الامتثال لأوامر مدير العمارة، الذي أظهر وجهه الحقيقي، وعدم اهتمامه بحل المشكلات، بقدر ما كان همه وتفكيره الأوحد فرض سيطرته على السكان وإجبارهم على الرضا بإدارته، ليعطل الأسانسير بعد إعلان حالة الرفض.
ورغم الإجراء التعسفي من مدير العمارة المتشدد، إلا أن الساكن كان مصرًا على موقفه، ولم يتنازل عنه، مرددا: «أنا غلطان أني وقفت في ظهر الناس دي، يلا هات كرسي أو سلم أي حاجة، علشان أنزل من هنا يا بني.. كفاية».
ولم يقف تعنت المدير، عند هذا الحد فحسب، بل وصل إلى منع سكان العمارة من الخروج نهائيا، بعدما استعان بمجموعة من أقاربه ليحاوطوا العمارة، قبل أن يتحد السكان بكل أطيافهم، ويطردونهم إلى خارجها تماما.
في المقابل عرضت المشاهد الأرشيفية المصورة من أرض الواقع، انفجار الشعب في جميع ميادين مصر، والتفافه بجميع أطيافه على قلب رجل واحد، للإسقاط نظام الإخوان الإرهابي، ليبدأ فصل جديد، ونقطة تحول مصيرية في تاريخ مصر.
10 أعوام على ثورة 30 يونيو
جسد فيلم «العمارة» عبر مجموعة من المواهب المميزة، الأحداث الواقعية التي عاشها المواطنين قبل وأثناء ثورة 30 يونيو، في وقت قصير لم يتخط 25 دقيقة، تمكن خلالها الفنانون من إيصال الصورة بسلاسة ويسر إلى المشاهد، من خلال الاعتماد بشكل كلي على الرموز، للتعبير عن مضمون الأحداث الاجتماعية والسياسية في تلك المرحلة الصعبة من تاريخ مصر.