جَلَدٌ رغم المصائب، وصمودٌ رغم فقد العائلة، ورضا بما تحمله الأقدار، مشاهد تثير دهشة كل من لا يعرف شعب فلسطين الأبي، المدافع عن كل شبر من أرضه والمتمسك بدياره، حتى بات البعض يسأل عن الكيفية التي ينشأ بها أطفال غزة وشبابها لتجعلهم بهذا القدر من الصبر والجَلَد، التي كان آخرها صورة الأب المكلوم بفقد عائلته بالكامل لكن يوزع الحلوى على المارة بشوارع غزة.
شموخ وصلابة رغم المحن والمصائب
الأب الجريح بقلبه أبى أن يظهر في صورة المنكسر أو المهزوم، فوقف شامخا بعد تلقيه نبأ استشهاد عائلته فرد تلو الآخر بقطاع غزة، محتسبا أجر الصبر عند المولى عز وجل، ليخرج بعدها إلى الشوارع ممسكا بكرتونة من الحلوى زرقاء اللون يأخذ منها بكلتا يديه ويقذفها بعيدا على المارة، مقدما أروع مشاهد العزة والشموخ، لينشر بين أهالي غزة روح النصر والدعم والثقة بدلا من الهزيمة والخيبة والاستسلام رغم اعتصار قلبه من الحزن على فراق الأحبة، مرددا: «إحنا معانا الله… معانا الله… الله أكبر».
«مش هنرحل من غزة مرابطون الى الأزل»
«مش هنرحل من غزة» بصوت يملؤه الإصرار والعزيمة يردد الأب المكلوم، «إحنا ولادنا وبنتنا بيموتوا واحنا بدنا نموت هون، وبدنا نموت هون مش هتروح على التهجير، بدك تضرب المستشفيات اضرب بدك تضرب إيلي بدك إياه اضرب، إحنا هنستشهد هون».
رسالة الأب المكلوم: هنوزع حلوى على أرواح الشهداء
وبثقة يرسل الأب المكلوم كلماته إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي قائلا: «إحنا مرابطين من اليوم إلى الأزل، هذه أرضنا، عشان ولادي كلهم استشهدوا وزوجتي، ولم يصل إلا ولد كان كان واقفا على باب المخبز يجيب خبز، وأنا روحت أعبي جالون مياه، وهذه حلوى على روح الشهداء إحنا بنوزع الحلوى».