على كرسي بلاستيكي وخلف طاولة مُستديرة، يجلس بلحيته البيضاء وملامحه التي يكسوها التعب ممزوجا بالأمل، ينظر إلى أعماله الفنية من أمامه والتي أغلبها عبارة عن مجسمات من سلك الرباط الحديدي، منتظرا من يُقدِّر فنه ويتذوق معه جمال إيحاءاته.
«محمد» يشرح أعماله الفنية
«الهدف الأساسي من تواجدي في السوق هو عرض أعمالي الفنية وليس الربح والتجارة.. أنا فنان تشكيلي وبعرض منتجات سلكية متعددة كلها شغل يدوي»، هكذا قال محمد صالح، أحد الباعة في سوق ديانا، في بث مباشر لـ«».
عدة مجسمات سلكية كلٌ منها يحمل رسالة معينة، منها مُجسم لإنسان يحمل على ظهره جوهرة أو ألماظة، والتي تحوي معنى أن الإنسان وإن كان يحمل ألماظا فهو يبقى أيضا مهموما ومُحملا بالأثقال والتعب، ويتضح ذلك من خلال انحناءة الإنسان المُجسم إلى أسفل، بجواره مُجسمان كلٌ منهما يمسك بآلة موسيقية، ليشرحهما «محمد» بأن الأول هو لعازف الـ«تشيلو»، والثاني لعازف الـ«ترومبيت».
استمر «محمد» في شرح وتوضيح الرسائل التي تحملها مُجسماته ومنها رسالة محتواها أن كثرة التفكير قد تؤدي إلى القضاء على الإنسان والتي تتضح من ذاك المُجسم الذي يُجسد إنسانا ينظر إلى أسفل وهو غارق في التفكير بينما تختفي أجزاء كبيرة من جسده، دليلا على الأذى الذي سببه له التفكير المُفرط، وأخيرا مُجسم يُظهر إنسانا غارقا أيضا في تفكيره منطويا على ذاته، وهو يُقدم رسالة مُشابهة وهي أن كثرة التفكير تقود الإنسان إلى العزلة والانطواء على الذات.
«منتجاتي كلها عبارة عن رسائل في صورة فن تشكيلي.. المُجسم الواحد بياخد مني 10 ساعات شغل وبدأت أمارس الفن التشكيلي من 40 سنة»، وفقا لـ«محمد» وأنه برغم الجهد الكبير الذي يبذله في كل عمل، إلا أنه لا يستطيع التوقف عن هذه الهواية التي لازمته منذ الصِغر.
مناشدته لوزير الثقافة
لجأ «محمد» إلى عرض أعماله الفنية في سوق ديانا لعدم قدرته على تحمل تكلفة شراء أو تأجير محل، والتي قد تصل لـ 15 ألف جنيه في 3 أيام فقط؛ إذ يصل سعر تأجير المتر الواحد لـ 3 آلاف جنيه لليوم، ما جعله يناشد وزير الثقافة للحفاظ على فنه والاهتمام به: «أنا بناشد وزير الثقافة وبقول له يا وزير الثقافة أنا بقف على قفص فراخ بمنتجاتي الفنية».
زبائن «محمد»
«منتجاتي كلها مصنوعة من سلك الرباط الحديدي.. أنا معنديش قدرة أجيب سلك نحاس الكيلو بـ 80 أو 90 جنيه فبجيب سلك حديد بـ 20 جنيه وبيأدي الغرض معايا»، بحسب «محمد»، وأن منتجاته جميعها تحمل إيماءات وإيحاءات رمزية، ما جعل زبائنه يقتصرون على الفئة ذات الذوق الفني.