| فيبي تنتظر مصير شقيقتها المتوفاة بمرض القلب: خايفة أهلي يتوجعوا مرتين

حالة شديدة من الحزن تملكت الفتاة العشرينية فيبي كرم، منذ مطلع الشهر الجاري؛ نتيجة وفاة شقيقتها الكبرى متأثرة بمرض خطير في القلب وُلدت به، ورغم قسوة هذا الحزن على قلبها إلا أنه يزداد ثقلًا بمشاعر الحسرة والمرارة كلما تذكرت أنها وُلدت بالمرض ذاته وتعاني المشاكل والآلام الصحية نفسها وأنها – كما قال الأطباء – ستلقى نفس مصير شقيقتها.

معاناة الشقيقتين مع أمراض القلب

بقلبٍ مكلوم على وفاة شقيقتها ولظروفها الصحية، بدأت «فيبي»، صاحبة الـ24 عامًا، ابنة مركز مغاغة محافظة المنيا، تروي لـ«»، قصة معاناتها وشقيقتها «يوستينا»، التي كانت تكبرها بعامين، مع أمراض القلب، موضحة أن شقيقتها وُلدت مصابة برباعية فالوت وأن الشريان الرئيسي الذي يصل من القلب للرئتين لم يكن موجودًا لديها، بينما وُلدت هي بثلاثية فالوت، وهذا الشريان الرئيسي موجود لكنه ضعيف.

رحلة طويلة من العلاج والتنقل بين الأطباء والمستشفيات خاضتها الشقيقتان «فيبي ويوستينا» عانتا خلالها آلامًا جسدية ونفسية شديدة لم يشاركهما فيها سوى أسرتهما التي باتت مشاعرها تتأرجح بعنف بين حلاوة الأمل ومرارة اليأس كلما تذكرت كلام الأطباء بأن نسبة شفاء ابنتيها محدودة وأنهما من المفترض أن تكونا الآن في تعداد الموتى: «الدكاترة كانوا بيقولوا لبابا إزاي بناتك عايشين لحد دلوقتي».

بوادر أمل انتهت بفاجعة

رغم كل شيء وإحباطات بعض الأطباء المتكررة، أكمل الأب سعيه وراء علاج ابنتيه؛ أملًا في إنقاذ فلذتي كبده وأول فرحته في الحياة، وراح قبل شهر ونصف الشهر يُرسل التقارير الخاصة بهما إلى مؤسسة مجدي يعقوب للقلب بأسوان، لتبدأ بوادر الأمل تظهر في الأفق أمامه ويتم تحديد ميعاد 6 يوليو الجاري لعرض الابنتين على طبيب مختص وفحصهما، لتتنفس الأسرة الصعداء وتنحاز بعشم لضفة الأمل والتفائل، لكنها هَوت بها فجأة في دهاليز الحزن واليأس؛ إذ خطف الموت الابنة الكبرى «يوستينا»: «أختي قبل الميعاد بتاعنا بدأت تتعب ومش قادرة تاخد نفسها وشفايفها ازرقت ولما جرينا بيها على المستشفى ماتت في الطريق»، بحسب «فيبي».

خسارة واحدة أفضل من خسارتين

ما زاد من أزمة الأسرة وآلامها أنه لم يكن لديها وقت للحزن والصراخ أو حتى البكاء بصوت مكتوم، بل رغم ثِقل الفاجعة التي أصابتهم وطحنت قلوبهم كان من الضروري والمُلزم لهم نزع عباءة الحزن وكسب بعض الأمل والثقة حفاظًا على الروح المعنوية للابنة الأخرى «فيبي» التي تعاني الظروف نفسها وأخبرها الأطباء أن حالتها مع الوقت ستتطور كما حدث لشقيقتها وبالتالي ستلقى المصير ذاته: «بابا وماما مكانوش قادرين يتخيلوا فكرة أني أموت أنا وأختي وقالوا خسارة واحدة أفضل من خسارتين فبدأوا أنهم يقنعوني أروح للدكتور، ورغم إني منهارة ومعنديش طاقة أو رغبة في حاجة بعد موت أختي لكن وافقتهم علشان متعبهمش وأزعلهم».

في صباح يوم 6 يوليو الجاري – وهو الموعد المحدد مُسبقًا – سافرت الأسرة إلى مؤسسة مجدي يعقوب بأسوان، وتم عمل الأشعة والتحاليل اللازمة لـ«فيبي» التي قصت رحلتها العلاجية على طبيبة هناك سألتها عن سبب تأخير علاجها لهذا السن من عمرها، كما أخبرتها أنها خلال تنقلها بين المستشفيات ومعاهد القلب طوال السنوات الماضية أخبرها الأطباء أن عمل «وصلة شريانية» من القلب للرئتين سيحسن من حالتها، إلا أنها وبعد الانتهاء من حديثها فاجأتها هذه الطبيبة أن «الوصلة الشريانية» أصبحت لا تناسبها في هذا السن: «قالتلي زمان وأنتي صغيرة ضغط القلب كان ضعيف وينفع نعمل وصلة شريانية، إنما دلوقتي متنفعش، اللي ممكن نعمله هو توسيع شرايين أو تركيب دعامة».

رسالة بحروف ثقيلة

بعد الانتهاء من الفحص وعمل الأشعة والتحاليل اللازمة عادت الأسرة إلى منزلها بالمنيا على أن تستقبل رسالة من المستشفى خلال أيام لمعرفة ما سيتم اتخاذه من إجراءات علاجية لابنتهم، وبالفعل في اليوم الثالث أرسل المستشفى رسالة جاءت حروفها ثقيلة على قلب الأسرة؛ إذ تضمنت تحديد ميعاد للمتابعة وهو 15 فبراير 2024، أي بعد حوالي 7 أشهر كاملة: «لما بقينا مش عارفين أنا حالتي أيه ولا نتيجة التحاليل والأشعات أيه بعت رسالة للمستشفى استفسر فيها وأعرف إذا كان هيتعملي عملية ولا وضعي أيه فقالولي لما تيجي ميعاد المتابعة لو كان في عملية أو حاجة هنعرفك».

«فيبي»: خايفة أهلي يتوجعوا عليا زي أختي

لم يكن تحديد ميعاد المتابعة في مؤسسة مجدي يعقوب سوى اختبارًا جديدًا لمشاعر الأسرة ومدى ثباتها؛ إذ رغم تخوفهم الشديد من تطور حالة ابنتهم فجأة كما حدث لشقيقتها، إلا أنهم لا يملكون سوى الدعاء والانتظار؛ إذ ليس في مقدرتهم السفر والبحث عن علاج لابنتهم خارج مصر: «أنا عارفة إن في قوائم انتظار وإن ممكن إدارة المستشفى تكون شايفة إن في حالات أولى مني بالعلاج في الفترة دي، بس أهلي خايفين، خاصة إن أختي كانت أقوى مني وبتقدر تبذل مجهود أفضل مني ورغم كده حالتها تطورت فجأة ومحدش قدر يلحقها»، وأنها تتمنى فقط لو يتم تعجيل علاجها لمنع حلول «مصيبة» ثانية على أسرتها، لا سيما وأنها تعاني الأن من قلة الأكسجين وبالتالي الإرهاق والتعب الشديد مع أقل مجهود: «أهلي حالتهم صعبة فعلًا وبقيت خايفة يتوجعوا عليا تاني زي ما اتوجعوا على اختي وهي في عز شبابها».