يعتقد البعض أن طب المسنين من فروع الطب الحديثة، إلا أنه رغم ذلك قديم وموجود منذ عقود، غير أنه لم يحظ بعد بشعبية تليق بأهميته، كما أن الوعي بمفهوم طب المسنين ودوره بعلاج المسن ما زال قليلا، إذ أن الكثيرين ينظرون إلى الأمراض التي تصيب المسنين على أنها أمر طبيعي وجزء من أمراض الشيخوخة، وهو ما يجعل المسنين يصابون بالعديد من المضاعفات نتيجة التأخر في تشخيص العديد من الأمراض التي اعتقد ذووهم أنها أعراض طبيعية مع التقدم بالسن.
أعراض بسيطة مقدمة لأمراض خطيرة
فأعراض مثل عدم الرغبة بتناول الطعام أو الشراب أو عدم الرغبة بالحركة من السرير يعتقد بأنها أمور طبيعية لأصحاب الاعمار المتقدمة، وقد تكون هذه مقدمة اعراض لأمراض خطيرة كالالتهاب الرئوي أو أمراض الكلى أو القلب، وهو ما ينتج عنه تأخر بالتشخيص وبالتالي حدوث مضاعفات للمرض، بحسب ما أكدت الدكتورة هبة محمد عز العرب استشاري أول طب المسنين، والحاصلة على دكتوراه بطب المسنين من جامعة عين شمس، في حديثها لـ«».
أهمية التشخيص المبكر
مريض الالتهاب الرئوي الذي يتم تشخيصه متأخرًا على سبيل المثال يظل عدة أيام دون حصول على العلاج اللازم المتضمن محاليل ومضادات حيوية والقيام بعدة فحوصات وأشعات، وقد ينتج عن هذا التأخير بالعلاج حدوث تسمم بالدم، بحسب ما ذكرت «عز العرب» كما أن العديد من ذوي المسنين يعتقدون أنه من الطبيعي أن ينسى المسن بعض الأمور أو لا يتمكن من التعرف على بعض المقربين، وبالتالي يتم تشخيص وعلاج حالات اضطرابات الذاكرة متأخرًا، كونه يستلزم تشخيص من مختص بطب المسنين.
وأشارت إلى أن العديد من المرضى يذهبون للطبيب بعد عام من بداية الأعراض، خاصة إذا كان العمر متقدمًا بالثمانينات او التسعينيات على عكس الرعاية الصحية التي تقدم للأطفال بالعائلة الذين يذهبون للطبيب بمجرد ارتفاع درجة الحرارة.
مخزون احتياطي قليل للمسنين
وشددت استشاري أول طب المسنين في حديثها لـ«» على أهمية التشخيص المبكر للأفراد بصفة عامة، وللمسنين بصفة خاصة، إذ أن المخزون الاحتياطي للمسنين يكون قليلا من كل شيء، وهو ما يجعله يشعر بتدهور بحالته الصحية بمجرد تأخره بالتشخيص، فمكوثه فترات طويلة خلال شعوره بالمرض لأي سبب ينتج عنه مضاعفات عديدة أبرزها ضمور بالعضلات وتكوين حصاوي بالكلى والمرارة، وقد يتطور الأمر لقرح فراش.
عز العرب: طبيب المسنين أشبه بالمايسترو الذي يوجه المريض لأطباء التخصصات المختلفة
ووصفت «عز العرب» دور طبيب المسنين بالمايسترو الذي يوجه المرضى وذويهم بالتخصصات الطبية التي يتوجه لها المريض لاستكمال رحلة علاجه، أو ينصحهم بالاكتفاء باستكمال العلاج لدى طبيب المسنين، إضافة إلى دوره المهم في تنظيم العقاقير المختلفة التي يصفها الأطباء من التخصصات المختلفة للمسن كعقاقير علاج الجلدية او الكلى او الضغط او السكري وغيرها، إذ أن بعض المرضى يصل بهم الأمر لتناول ما يزيد عن 30 عقارا يوميًا، بعضها قد يتضارب مع الآخر أو قد يكون له نفس المفعول نتيجة تعدد التخصصات الطبية التي يلجأ لها المسن.
دور طب المسنين في اعادة جدولة العلاج والتخلص من العلاجات المتضاربة
ولفتت إلى أن توجه المسن لطبيب المسنين يجد نوعا من المقاومة لديه، إذ يفضل الكثير منهم طبيب العائلة الذين يذهبون إليه على مدار السنوات وقد يظلون دون مشورة طبية بعد وفاة طبيبهم، متابعةً أن تعدد العقاقير يجعل ذوي المسن يتخلون عن بعض منها خاصة مع زيادة تكلفتها، غير أنهم قد يتخلون عن عقاقير ذات أهمية للمريض كالفيتامينات ويتركون غيرها التي يمكن الاستغناء عنها، وهنا يأتي دور طبيب المسنين الذي يعمل على إعادة جدولة هذه العقاقير لتصل إلى 5 أو 6 عقاقير على الأكثر، مشيرة إلى أن طب المسنين يعالج مضاعفات الأمراض التي سكنت جسد المريض على مر عقود من الزمن كالسكري والضغط المرتفع.
طب المسنين يستهدف الأفراد فوق الـ65 عامًا
وأضافت أنه من الضروري أن يتوجه الأفراد فوق الـ65 عامًا لمتابعة حالتهم الصحية مع طبيب المسنين، خاصة مع التطورات التقنية التي مكنت التشخيص والعلاج من خلال الأونلاين، إضافة إلى توفير الرعاية المنزلية من قبل لكثير من اطباء المسنين، وهو ما يجنب المريض مشقة استخدام السلالم والتنقل عبر وسائل المواصلات، مشددة على ضرورة المتابعة الدورية كل 6 أشهر للكشف المبكر عن الأمراض، خاصة مع وجود عدد من الأمراض الصامتة كارتفاع السكري والضغط الذي قد تنتج عنه الإصابة بالسكتة الدماغية.