| في ذكرى رحيله الأولى.. كواليس آخر صور لطبيب الغلابة: تلقائية

بعد أن كانت عيادته تعج بأعداد كبيرة من المرضى البسطاء، الذين أقبلوا عليه من مختلف المحافظات، طمعا في تواضعه ومهارته العلمية، بمقابل قيمة كشف زهيدة، حتى حصد لقب «طبيب الغلابة»، غابت عنها تلك الزيارات المرضية والطبيب نفسه، الدكتور محمد مشالي، الذي رحل في 28 يوليو عام 2020، إثر هبوط مفاجئ في الدورة الدموية، إلا أن اسمه وجهوده مازالوا ينبضون بالحياة، ليستعيد الكثيرون ذكراه اليوم، في العام الأول لوفاته.

ذكرى وفاة الدكتور مشالي طبيب الغلابة

في 28 يوليو الماضي، توفي الدكتور محمد مشالي، بسبب هبوط مفاجئ في الدورة الدموية، ليسيطر الحزن على الجميع وخاصة بقريته شبراقاص بمركز السنطة في محافظة الغربية، حيث يمتلك سجلا حافلا من المواقف الإنسانية والعطاء غير المشروط، وهو ما ظل حيا في أذهان الجميع مع ذكرى وفاته الأولى، من بينهم المصور محمد كرم، الذي تمكن العام الماضي، من اقتناص دقائق معدودة مع طبيب الغلابة، خلد فيها آخر جلسة تصوير له قبل رحيله بأيام، والتي يعتبرها من أهم اللقطات بالنسبة له ومن دواعي سروره، فتفاصيلها مازالت محفورة في نفسه.

قبل أكثر من عام، تمنى المصور الشاب محمد كرم لقاء الدكتور محمد مشالي، لتأثره بجهوده ودعمه للبسطاء والمرضى، خاصة بعد حلقته ببرنامج «قلبي اطمأن»، لينتقل من المنوفية إلى الغربية، بهدف تصويره وصناعة «بوستر»، يزين مدخل عيادته، دون تواصل مسبق، حيث تفاجئ داخل العيادة بأعداد كبيرة، لينتظره لعدة ساعات، ما جعل لقائه صعبا، وتلقى ردا من الممرضة بقول الطبيب «المرضى أولا، والصور دي مش بهتم بيها».

كواليس آخر جلسة تصوير لطبيب الغلابة

لم يكل أو يمل المصور الشاب الذي حمل كاميراته لعدة أميال، جراء رد طبيب الغلابة، بل ازداد تقديره له، وظل ينتظره لحين انتهاء فحص جميع المرضى المتواجدين في العيادة الذين تعامل معهم مشالي بتواضع وخفة ظل بالغة لتخفيف أوجاعهم، قبل أن تأتي اللحظة التي التقى فيها به أخيرا، حيث استقبله الدكتور بوّد وتواضع بالغ، ليتبادلا الدعابات بشأن تشجيع نوادي مختلفة.

«هزرنا وضحكنا، على أنّي أهلاوي وهو زملكاوي جدا، وكان فرحان أوي بعضوية الزمالك اللي كان لسة واخدها وقعد يحكيلي عن بطولات النادي».. يستعيد كرم تفاصيل حديثه مع طبيب الغلابة، في مايو 2020، قبل أن ينتقلا إلى ظروف جائحة كورونا التي كانت منتشرة بشدة في البلاد وقتها، ليقدم له الطبيب عدة نصائح ويؤكد أنه سيدعم مرضاه أمامها بقوله «علشانهم هفضل في العيادة هنا لحد آخر يوم في حياتي»، لتترك تلك الكلمات أثرها الرنان على مسامعه.

رغم عدم حب مشالي للصور، إلا أن كرم تمكن من إقناعه بفوتو سيشن سريعة وبسيطة بالعيادة، على مكتبه البسيط وجهوده البالغة به، ليتفاجئ برده أنها ستكون الصور الأولى له في مقر عمله، وقضي حوالي 30 دقيقة التقط فيهم عدة صورا مميزة لطبيب الغلابة الذي لم تتتجاوز قيمة كشفه 20 جنيها.

وبعد حوالي شهر من ذلك اللقاء، زار كرم مجددا مشالي، لإهدائه مجموعة الصور بعد تعديلها، الذي تلقاها بسعادة بالغة خاصة لتلقائيته الشديدة بها، وهو ما انعكس على المصور الشاب ورفع روحه المعنوية وزاده ثقة بنفسه، متمنيا تحويلها إلى بوستر لوضعها بالعيادة، ليصطدم وقتها بوفاة طبيب الغلابة، ليقرر إحياء ذكراه عبر إعادة طرح الصور بين مواقع التواصل الاجتماعي تكريما لجهود مشالي العديدة التي لم يضاهيه أحد فيها.