يعرف الكثيرون الأستاذ محمد حسنين هيكل باعتباره كاتباً ومحللاً سياسياً من الطراز الرفيع، غير أن الصحفي الأشهر، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده الـ98، كان لديه اهتمام من نوع خاص بالفن والسينما، كشف عنه في لمحات عابرة، أغربها ما كتبه في مقال قديم عن فيلم «صراع في الميناء»، انتقد فيه بطل الفيلم عمر الشريف ووصفه بـ«صاحب الشعر المنكوش».
تحت عنوان «روح جديدة في السينما المصرية» كتب هيكل مقالاً يوم السبت 11 فبراير عام 1956 بجريدة أخبار اليوم يقول فيه: «لست من هواة الأفلام.. ولا أنا ناقد سينمائي.. وإنما أحسست بهذه الروح الجديدة وأنا أشاهد فيلما مصريا لأول مرة منذ سنوات! والفيلم المصري الذي رأيته هذا الأسبوع هو: صراع في الميناء! ولقد رأيت فاتن حمامة بعد أن كبرت.. فإن آخر مرة رأيت فيها فاتن حمامة على الشاشة كانت عندما ظهرت مع عبدالوهاب طفلة في فيلمه القديم: دموع الحب.. منذ ما يقارب خمسة عشر عاماً! ولقد دخلت الفيلم مصادفة.. وخرجت منه وفي عزمي ألا أنكر الشهادة.. وأن أقول كلمة الحق».
ويواصل هيكل في المقال الذي نشر ضمن مجموعة مقالات أخرى في كتاب صدر عن دار أخبار اليوم: «وأنا لم أر فاتن حمامة شخصياً في حياتي.. وكذلك لم أر زوجها.. وبطل فيلمها عمر الشريف.. بل إن رأيي في عمر الشريف من مجرد رؤية صورته في الصحف لا يرضيه كثيراً، ولو كان لي أمر عليه لأخذته من يده إلى أقرب حلاق، وطلبت منه أن يحلق له شوشته التي ينكشها على مقدمة رأسه.. فتوة وشباباً! وكذلك لا أعرف كاتب القصة أو واضع السيناريو أو مخرج الفيلم.
ولكن الحق أني خرجت معجباً بكل هؤلاء.. بفاتن حمامة التي أدت دورها ممثلة رائعة.. وبعمر الشريف برغم «شوشته» المنكوشة على رأسه.. وبكاتب القصة وواضع السيناريو وقبل هؤلاء جميعاً.. بمخرج الفيلم.. ولم يكن الفيلم كما تعودنا أن نرى دائماً قصة بنت الباشا الهاربة مع سائق سيارته! ولم تكن فيه أغان تحشر بين المشاهد والسلام! إنما كان الفيلم من صميم الحياة، قطعة فيها فكرة.. ولها روح.. ووراءها هدف.. ولقد خرجت من الفيلم وأنا مؤمن أن الدولة يجب أن تغير سياستها تجاه السينما كفن.. وكصناعة».