غرس والده حب البطولة والانتماء في قلبه منذ الصغر، فكان غير أقرانه في مثل هذه السن ممن يعشقون الكرة ويمارسون ألعاب الصغار، فاحتضن حلمه ونضج معه، فكما يقال يولد الأمل من رحم المعاناة، هذا ما أثبته الشاب العشريني الذي بترت قدامه وهو في سن صغير ليمنعه عن أبسط أحلامه، ولكنه أصبح بعد ذلك كلمة السر في تحقيقه برونزية البطولة العربية للدراجات.
حادثة غيرت حياة الشاب
«محمد الكيلاني» شاب يبلغ من العمر 29 عامًا، بدأ اكتشاف إصراره وشغفه بعد حادثة بتر قدمه أثناء عودته من الجامعة وهو في السنة الأولى، حينما دهس القطار قدمه، حيث انزلقت إحدى قدميه، لكنه تمسك بأحد قطع الحديد المجاورة للباب، وظل القطار يسحبه، وهو معلق خارجه، حتى وصل إلى منطقة التحويلة، ومع انتقال القطار في التحويلة، سقط على وجهه وفقد وعيه، وعند إفاقته وجد أن القطار قد دهس قدمه.
أصاب الإحباط «كيلاني» في بداية الأمر، فقد شعر أنه لم يعد قادرًا على تحقيق أحلامه، ولكن مع إصرار والده اضطر إلى استكمال حياته بشكل طبيعي، فتخرج في كلية الشريعة بجامعة طنطا، وبدأ بعدها العمل في عدة مجالات مختلفة؛ حتى انتهى به الأمر بالالتحق كموظف «IT» في إحدى الشركات، حسبما رواه لـ«».
القدر يحدد هواية «كيلاني»
ومن خلال المصادفة عثر الشاب العشريني على ورقة لأحد مجموعات تنظيم فعاليات الجري، «اتحمست جدا أني اشارك في أي فعاليات، علشان مش بحب قاعدة البيت»، وتحدث مع أحد المنظمين وأخبره بحالته، الذي أكد بدوره إمكانية مشاركته بالسير، ولكن كان للقدر رغبة أخرى في كشف قدرات «كيلاني» ففي بداية المشاركة فوجئ أنه يقفز ويجري دون أي تعب، عندما اضطر إلى التعامل مع الطريق ومنحنياته، وجرى لمسافة 4 كيلو ونصف، الأمر الذي أبهر المنظمين لتلك الفعالية، بقدرته على الجري بطرف صناعي.
بطولات وألقاب بطرف صناعي
وتمكن «كيلاني» في عام واحد أن يحصل على الموظف المثالي للشركة التابع لها، بالإضافة إلى مشاركته بماراثون الجري، حيث صنف كأول مصري يجري بطرف صناعي، وأول مصري وعربي يمشى 100 كيلو متر بطرف صناعي، ولكن لم يتوقف عند هذا الحد فبدأ في التدريب بالسباحة وركوب الدراجات.
وبإصراره وعزيمته استطاع في أول مشاركة له مع المنتخب المصري لركوب الدرجات، الحصول على المركز الثالث والميدالية البرونزية في سباق فردي ضد الساعة بالبطولة العربية للدرجات، «فخور اني لاقيت نفسي أخيرا بعمل حاجة بحبها».
وعن أمنيات الشاب العشريني أن يجعل والديه فخورًا به، فقد مر بالكثير من الصعوبات معه، كما يأمل في أن تنتشر الإرادة بين كل المحبطين ويتيقنوا من عوض الله، «اعتقد أني لو كنت سليم لما وصلت إلى اللى أنا فيه دلوقتي».