لا يمكن الحديث عن عالم صناعة السيارات ورائدي هذا المجال، أو عن المخترعين بشكلٍ عام، من دون ذكر «ديفيد بويك»، مُبتكر سيارة «بويك»، التي سُميت على اسمه، المؤسس الأول لشركة «جنرال موتورز»، أكبر منتج للسيارات في العالم.
ووصل عدد السيارات التي حملت اسم «بويك» القرن الماضي، إلى أكثر من نصف مليون، بحسب «بي بي سي العربية».
وُلد «بويك» في آربروث التابعة لاسكتلندا، عام 1855، وتمتع بذكاء عال وقدرة على الابتكار، إلا أنه إفتقد الحس التجاري؛ إذ بعد انتقاله إلى الولايات المتحدة، شارك وهو لا يزال طفلا في تأسيس شركة للسباكة، وكانت دليلا على عبقريته، لكنه في نهاية القرن الـ19، إكتشف أن لديه شغفا آخر بداخله؛ لذا أسرع ببيع حصته في شركة السباكة هذه مقابل 100 ألف دولار، وراح ينشأ شركته الخاصة لإنتاج السيارات.
إنشاء بويك للصمام العلوي
وقتها رأى أنه في أشد الحاجة لإنشاء الصمام العلوي، الذي ما زال مُستخدما حتى الآن، ولكنه بعد فترة من الزمن وتحديدا عام 1902، وجد نفسه أنه فقد أمواله بالكامل، ولم ينتج سوى سيارة واحدة فقط، ليأتيه بعدها طوق النجاة في كفالة قدمها له ويليام كرابو دورانت، الذي استمر في تأسيس شركة جنرال موتورز (GM). وفقا لـ«بي بي سي».
رغم هذه الأزمة المالية الشديدة التي مر بها «بويك» إلا أن القائمين على شركة «جنرال موتورز» أوضحوا أنهم ما زالو يكنون له الاحترام والتقدير ومعترفون بفضله في تأسيس شركتهم؛ إذ قالت المتحدثة باسم الشركة: «بالرغم من التعقيدات التي حدثت لبويك، إلا أنه لولاه ما كانت هناك سيارة بويك من الأساس».
بويك يصل للافلاس للمرة الثانية
«بويك» استمر في العمل بشركة «جنرال موتورز»، وكان سيتخطى أزمته المالية هذه، بل ويحقق مكاسب ضخمة، إلا أنه ترك هذا كله وفضَّل الحصول على 100 ألف دولار مقابل بيع أسهمه في الشركة، ليبدأ في الاستثمار بأراضي فلوريدا والنفط في كاليفورنيا، ما أدى في النهاية إلى تبديد هذه الثروة أيضا.
عاد «بويك» بعد رحلة طويلة من الاستثمار والتجارة، إلى ديترويت عام 1924، وعمره 69 عاما، وفي حالة من الإفلاس والضنك جعلته لا يقدر على شراء هاتفا لمنزله، ما اضطره للعمل كمعلم في مدرسة التجارة بديترويت.
وفاة بويك ديفيد
واصلت صحته التدهور أكثر فأكثر حتى انتهى به الحال عام 1929، على أحد الأسِرة بمستشفى «هاربر»، لإجراء عملية إزالة القولون، ليموت بها عن عمرٍ يناهز الـ74 عاما.
برغم كل ما مر به «بويك» في حياته والإفلاس الذي أحاطه مرتين، إلا أنه في إحدى المقابلات الصحفية التي أجراها قبل دخوله المستشفى، عبر عن عدم قلقه من المستقبل، وأن الفشل الحقيقي بالنسبة له هو استسلام الشخص عند سقوطه، وأن النجاح لا يتطلب أن يجتر الشخص خيبات الماضي ويظل يندب حاله، وإنما يفكر فيما يستطيع فعله اليوم وغدا.