يختبئ من برودة الجو وتراب يوم عاصف خلف بطانية صغيرة تكاد تكفي جسده الصغير إلا قليلا منه، شعور بالدفء تسلل إلى نفس الصغير رويدًا فوصلت إلى قلبه، لا يعلم مصدره ولكن يبدو أنه الأمان الذي استمده من أبيه الذي اتكأ على ظهره مستريحا دون انحراف أو ميل، الرياح قوية والحرارة منخفضة والجميع من حوله يهرول صوب المنازل، والصبي غارق في عالمه الخاص، شعور بالراحة يكفي الأرض ومن عليها اتضح على ملامح وجهه جليًا ينظر إلى أبيه نظرة فخر، وكأنه ملك الدنيا بيديه.
راحة تكفي الأرض وتفيض
في أحد شوارع حي الدقي الشهير بمحافظة الجيزة، عقارب الساعة أعلنت تمام الواحدة والنصف ظهرا، من يوم الأربعاء، وبينما توالت تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية لنصح المواطنين بتجنب الخروج من المنازل إلا للضرورة القصوى، والجميع منشغل بالفرار من العاصفة، مختنقة أنفاسهم من إثر العاصفة الجوية التي شهدتها البلاد أمس، انشغل هذا الأب بحماية ابنه الصغير الجالس على ظهره، وكأنه يحمل روحه على كتفيه.
روحٌ واحدة في جسدين
ملامح الإرهاق والتعب بدت واضحة على وجه الأب الذي لم يجد وسيلة ليحمي صغيره من التراب وبرودة الجو سوى بطانية صغيرة اصطحبها معه من المنزل إلى حيث وجهت، يسيران معًا مسافة طويلة الأول يستمد قوته – رغم ضعفه- من طاقة الثاني، فيسير الأب مهلًا، يطمئن به وتسكن روحه المضطربة من عثرات الطريق قليلًا.