«أيوو شمندورة من جنا باري انجس كريو من جنا»، كلمات بالنوبية غناها الفنان محمد منير، لم يكن يعرف معظم جمهوره معناها، لكنه تفاعل معها بكل حب وأصبح يردّدها، منتظراً مزيداً من الأغنيات للتعرّف على تلك اللغة.
لم يكن الكينج وحده الذي حاول الحفاظ على تراث أجداده بالغناء بـ«النوبية»، بل هناك عددا كبيرًا من النوبيين يسعون بكل طاقتهم لنشرها، وذلك عن طريق تقديم كورسات لتعليم اللهجة الفاديكي أو الكنزي، من بينها صفحة «النوبة»، لضمان بقاء التراث النوبي، ويحكي محمد عمر، أنه يقدّم كورسات ومحاضرات منذ عام 2000 وبشكل مستمر لتعليم «النوبية»، خوفاً من نسيانها واندثارها، بالتعاون مع بعض الجمعيات والنوادي والمنتديات داخل القاهرة وخارجها، بعد أن أصبح الجيل الجديد لا يتحدثها وكاد ينساها: «مع انتشار الميديا ومواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت النوبية مهدّدة بالانقراض، وإن لم تكن هناك محاولات جادة للحفاظ عليها كجزء من التراث ستختفي بعد 60 عاماً من الآن، وهذا مُخيف جداً، لأنها تحوّلت إلى لهجة مشوّهة، وبعض شباب القرى لا يتحدّثون النوبية».
50 جنيهاً رسوم الدورة.. ومطالبات بتدريسها في المدارس
يقدم «محمد» كورسات مستمرة لتعليم «النوبية» لأبناء النوبة، وأيضاً لمحبيها من أبناء القاهرة وبعض المحافظات: «فيه ناس بتتعلمها من حبهم في أغاني منير، وناس ليهم أصدقاء نوبيين عايزين يتعرّفوا عليهم عن قُرب، وآخرين بيدرسوها ضمن مناهج الماجستير والدكتوراه، وباكون سعيد أن فيه شباب وبنات مهتمين بالنوبية، وهما ليسوا من أبناء النوبة»، مشيراً إلى أنه يقدّم تلك الدروس بمبالغ ضئيلة لا تتجاوز الـ50 جنيهاً في الشهرين، لتشجيع الشباب على الانضمام لها: «ممكن أخد حق تصوير الورق فقط، والهدف مش ربحي بقدر أنه حفاظ على تراثنا وثقافتنا».
يضيف «محمد» أنه في عهد الزعيم عبدالناصر حصلت تغيرات جذرية في القرى النوبية، واندمج أهل النوبة مع الصعايدة، وتعلموا اللغة العربية في المدارس وأصبحوا يتحدثون بها، ونسوا الكلمات النوبية، خاصة الأجيال الجديدة: «أتمنى أن تدرّس النوبية في مدارس النوبة في أسوان حتى لا تختفي، وإحنا جاهزين نزودهم بالمناهج، لأن انقراضها هيشكل خطر كبير»، لافتاً إلى أنه تخرج من تحت يديه دفعات من مصر والسودان، ويسعى لتعليمها كتابة وقراءة: «كان عندي طالبة بتعمل ماجستير عبارة عن مقارنة بين اللغة القبطية القديمة والنوبية».
محمد منير روج للغة النوبية عبر أغانيه
يرى «محمد» أن الفنان محمد منير روج للكلمات النوبية عن طريق أغنياته، مما أثار فضول البعض للتعرّف عليها وعلى تاريخها وأصولها وترجمتها: «هي جزء أصيل وعريق في مصر»، مشيراً إلى أن «النوبية» تختلف في تكوينها عن «العربية»: «تبدأ بالفاعل ثم ما يُسمى بلاحقة الفاعل وبعدها المفعول به ولاحقه، ولها 7 حركات بدل، ولا يوجد فيها أداة تعريف أو تأنيث وتذكير، ولا مثنى، ولها 6 ضمائر لكل منها تصريف مختلف عن الآخر حسب الجملة، وتشبه في النطق بعض اللغات الأفريقية زي الأمهرية والأوروموا في إثيوبيا».