| «كونه» بائع جرائد بساق واحدة يحلم بحياة كريمة لأبنائه: بستلف كل يوم

بخطوات بطيئة ضعيفة، أثقلها السن والألم والإعاقة، يسير يوميا في الصباح الباكر، عدة كيلومترات من منزله للكشك البسيط الذي يحتمي تحته من حرارة الشمس، ليبيع الجرائد التي لا يتمكن من قراءتها بمهارة، وعزف عن شرائها الكثيرون اعتمادا على المواقع الإلكترونية وغاب عنها آخرون بسبب إجراءات مواجهة كورونا، ليضيق عليه حاله، ويسيطر عليه الخوف من عدم قدرته على منح أطفاله الحياة الكريمة التي كان يتمناها لهم.

«كونه» يرث مهنة بيع الجرائد عن والده.. ويتحمل مسئولية والدته وأبنائه

على مدى أكثر من 50 عاما، لم يتمكن أحمد محمود، الشهير بـ«أحمد كونه» من مزاولة مهنة أخرى سوى بيع الجرائد، والتي ورثها عن والده الراحل، الذي توفى بينما كان عمره عامين فقط، وتركه مع أشقائه الثلاثة ووالدتهم التي بذلك كافة جهودها من أجل أطفالها ورعايتهم.

لم يتمكن «كونه» من استكمال فترة تعليمه الإبتدائي، ليتمكن فقط من القراءة والكتابة إلى حد ما، ويتخذ من كشك والده لبيع الجرائد في شارع الصفا بمنطقة الكيت كات، مكانا جديدا له منذ طفولته، حيث ولد بإعاقة في قدمه اليمنى تجعله غير قادرا على السير بها، ويعتمد على اليسرى بصعوبة، متحديا إعاقته على مدى عدة أعوام.

بعد زواجه وإنجابه لثلاثة أبناء، حاول مرارا الأب الخمسيني البحث عن مصدرا آخرا للرزق لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب إعاقته وضعف حركته، حيث يتولى رعاية زوجته وأطفاله الثلاثة ووالدته العجوز.

بائع الجرائد المسن: شغلتي مبقتش بتجيب همها خالص.. وبضطر استلف علشان أكمل مصاريف بيتي

 ازداد الأمر صعوبة لدى «كونه» مع انتشار المواقع الإلكترونية التي بات يفضلها الكثيرون خاصة الشباب، على الجرائد المطبوعة، ليضاعف الأمر صعوبة انتشار جائحة كورونا العام الماضي، التي فرضت على إثرها الحكومة قرارات العزل المنزلي لعدة أشهر، وهو ما انعكس على بائع الجرائد، الذي قضي أياما دون بيع أي جريدة طوال تلك الفترة.

«يوم لما أقول اشتغلت أكون بيعت 50 جورنال، يعني مكسبهم مش هيضقضي العشا».. بصوت يغالب الألم والسن، يروي الرجل الخمسيني معاناته اليومية التي يشهدها ليخط الحزن خطوطه على ملامح وجهه الممتلئ بالتجاعيد، ما يجعله أحيانا غير قادرا على العودة لمنزله الذي يقيم فيه بنظام الإيجار الجديد، ما يزيد من أعبائه المادية.

حاول بائع الجرائد بالكيت كات الحصول على معاش شهري من وزارة التضامن، لكنه لم يتمكن من النجاح في ذلك حتى الآن، ما ضاعف من أزمته الحياتية والمادية، قائلا بصوت متهدج من الحزن: «بقيت بتسلف علشان أدفع الإيجار أو أجيب لقمة حلوة للبيت وأنا راجع أيام كتير»، متمينا أن يتمكن من الحصول على ذلك الدعم بالمعاش، ليمنح أطفاله حياة كريمة كغيره من الأباء.