الدعاء – صورة تعبيرية
المحرم شهر عظيم، من أشهرِ الله الحُرُم، فيه يوم عاشوراء، الذي نجى الله فيه سيدنا موسى عليه السلام، وبه يبدأ العام الهجري، وتتجدد ذكرى الهجرة النبوية المشرفة، على صاحبها، أزكى الصلاة وأتم السلام، وقد كان من هدي سيدنا رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، استقبال هلاله بالتضرع والدعاء.
ويحرص الكثيرون في بداية رأس السنة الهجرية 1445، على القيام بالأعمال الطيبة، والتقرب إلى الله في هذه الليلة عن طريق الإكثار من الصلاة والصيام وغيرها من الأعمال الصالحة، فبعضهم يرى أنها سُنَّة عن الرسول، وبعضهم يلتمس أحب الأوقات إلى الله لفعل الصالحات.
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وصل إلى المدينة في شهر ربيع الأول، لكن جُعِل شهر المحرم بداية العام الهجري، لأنه كان بداية العزم على الهجرة، ويقول الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» وَإِنَّمَا أَخَّرُوهُ -أي التأريخ بالهجرة- مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إِلَى الْمُحَرَّمِ، لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ كَانَ فِي الْمُحَرَّمِ، إِذِ الْبَيْعَةُ وَقَعَتْ فِي أَثْنَاءِ ذِي الْحِجَّةِ وَهِيَ مُقَدِّمَةُ الْهِجْرَةِ، فَكَانَ أَوَّلُ هِلَالٍ اسْتَهَلَّ بَعْدَ الْبَيْعَةِ وَالْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ هِلَالُ الْمُحَرَّمِ، فَنَاسَبَ أَنْ يُجْعَلَ مُبْتَدَأً»
كيف تستقبل السنة الهجرية الجديدة؟
وشهر محرم بداية السنة الهجرية، الذي يعد أحد الأشهر الحرم، التي يستحب فيها الأعمال الصالحة والعبادات، وأهمها: الصيام، إذ يستحب للمسلم أن يصو أول أيام شهر محرم تطوعًا، إذ أوضحت دار الإفتاء المصرية، أنه يُستحب فيه الإكثار من الصوم، وفقا لما ورد عن رسول الله.
الصيام
ورد حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ»، وهو الحديث الذي رواه مسلم»
كما يستحب أيضًا صيامي يومي تاسوعاء وعاشوراء، فعن عَبْدَ الله بْنَ عَبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ» قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الدعاء
وفي هذه الأيام المباركة، أوردت دار الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني أنّ أدعية رأس السنة الهجرية الجديدة من الأدعية المستحسَنة المأثورة عن مشايخ السادة الحنابلة منذ نحو ألف سنة، إذ يستحب أن يقول المسلم: «اللهم أنتَ الأبدي القديم، وهذه سَنَةٌ جديدة، أسألك فيها العصمة من الشيطان وأوليائه، والعَوْنَ على هذه النَّفْس الأمَّارة بالسُّوء، والاشتغال بما يقرِّبُني إليك، يا ذا الجلال والإكرام».
أما دعاء آخر السنة الهجرية يقول المسلم في آخر أيامها: «اللهم ما عَمِلْتُ في هذه السنة مما نهيتني عنه، ولم تَرْضَه ولم تنسه، وحَلُمْتَ عني بعد قُدْرتك على عقوبتي، ودعوتني إلى التَّوبة من بعد جرأتي على معصيتك، فإني أستغفرك منه، فاغفرْ لي، وما عَمِلْتُ فيها مما ترضاه ووعدتني عليه الثَّواب، فأسألك أن تتقبَّلَه مني، ولا تقطع رجائي منك يا كريم».
تبادل التهنئة
وبحسب دار الإفتاء، فإنّ يستحب للمسلم التهنئة بمناسبة رأس السنة الهجرية كونها جائزة شرعًا ولا بدعة فيها، لما فيه من التذكير بأيام الله، وشكر الله على تجدد النعم التي تتجدد مع تجدد الأيام وتداولها على الناس، وقد حث الشرع على تذكر أيام الله وما فيها من عبر ونعم، كما أنه بداية لعام جديد، وتجدد الأعوام على الناس من نعم الله عليهم التي تستحب التهنئة عليها.
فإذا اجتمعت التهنئة بالأوقات والأحداث السعيدة، مع الدعاء بعموم الخير واستمراره، والبركة في الأحوال والأوقات كان ذلك أشد استحبابًا وأكثر أجرًا وأدعى لربط أواصر المودة بين المسلمين.