قصف إسرائيلي على غزة
مستشفى ظن المواطنون أنه آمن وبعيدا عن قذائف وصواريخ جيش الاحتلال الإسرائيلي، ففضلوا اللجوء إليه ليحتموا، ساعات من اللهو واللعب والضحك للأطفال الذين ربما لم يعرفوا بعضهم البعض لكن الهروب من الواقع الأليم جمعهم في هذا المكان، عائلات تشارك الأشياء والآلام، وأطباء يحاولون تضميد جراح من أصيب، لكن هذا المشهد تحول فجأة إلى دماء وجثث وأشلاء متناثرة في أجراء مستشفى المعمداني بعدما قصفته صواريخ إسرائيل، ليسقط ما يزيد عن 500 شهيد ومئات الجرحى بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، ليظل التساؤل من ارتكب هذه الجريمة الوحشية؟
اتهامات متبادلة بين إسرائيل وفلسطين
اتهامات متبادلة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، فجيش الاحتلال أصدر بيانات متتالية تؤكد عدم ارتكاب قواته لهذه الجريمة البشعة التي تخالف كافة المواثيق والقوانين الدولية، وتتهم حركة الجهاد الفلسطينية بارتكابها لهذه المذبحة، لتنفي الأخيرة تلك الاتهامات جملة وتفصيلا، ووفق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيال هاجاري للصحفيين، فإن الصواريخ التي أطلقتها حركة الجهاد مرت بالقرب من المستشفى وقت الضربة التي قال إنها أصابت ساحة انتظار السيارات بالمنشأة، لترد الجهاد في بيان رسمي لها بأن إسرائيل تحاول التنصل من مسؤوليتها عن المجزرة الوحشية التي ارتكبتها بقصفها المستشفى الأهلي العربي المعمداني في غزة، من خلال توجيه أصابع الاتهام نحو حركة الجهاد في فلسطين، مؤكدة أن الاتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة، وأن الحركة لا تستخدم دور العبادة ولا المنشآت العامة، ولا سيما المستشفيات، مراكز عسكرية أو لتخزين الأسلحة أو لإطلاق الصواريخ.
وسائل إعلام فلسطينية ردت بالأدلة كيف قصفت إسرائيل مستشفى المعمداني بغزة؟ مؤكدة أن استهداف مستشفى المعمداني جاء بعد أيام من تحذير صدر عن جيش الاحتلال زعم فيه أن المستشفيات يتم استخدامها كملاجئ وطلبت الإخلاء، وهو ما رفضته إدارته المستشفى، لترد وسائل إعلام إسرائيلية، أن استهداف المستشفى جاء جراء صاروخ أطلق من غزة وسقط فيها.
القصف الإسرائيلي استهدف الساحة الخارجية لمستشفى المعمداني
وأظهرت خرائط نشرتها وسائل إعلام فلسطينية من بينها وكالة وطن الفلسطينية، أن مستشفى المعمداني يقع في البلدة القديمة بغزة، في الشارع المتفرع من ميدان فلسطين «ساحة الشوا» تقاطع شارع عمر المختار مع شارع أم الليمون، يحده من الجنوب دوار عسقولة ومن الشرق مسجد الشمعة، ومن الغرب تحده مقبرة إسلامية تدعى مقبرة الشيخ شعبان، ويتكون موقع المستشفى من 13 مبنى بينها عدة مصفات للسيارات وحدائق، ويقدم خدماته لعدد كبير من المرضى.
أدلة بصرية
أدلة بصرية نشرتها وسائل الإعلام الفلسطينية، تشير إلى أن إسرائيل استهدفت وبشكل مقصود الساحة الرئيسية للمستشفى الذي تحيط به عدة مبان طبية، برغم علم إسرائيل بوجود أطفال عُزل ونساء وعجزة داخل المشفى وذلك من خلال مراقبة قطاع غزة الكامل بطائرات الاستطلاع، ورغم ذلك طال القصف الساحة الخارجية بشكل مباشر وهي المخصصة للعب الأطفال، فضلا عن الفيديوهات المنتشرة التي تظهر احتراق السيارات في الساحة.
الصور التي نشرتها إسرائيل تعود لعام 2022
على بعد 61 مترا من بوابة مستشفى المعمداني، كانت تقف إحدى سيارات الإسعاف، لتظهر الصور المتداولة وفق وسائل الإعلام الفلسطينية، أن النيران تشتعل على يسارها وهو الدليل على أن إسرائيل قصفت المشفى مستهدفة الساحة، بدليل عدم تضرره من الداخل كثيرا لم يظهر الفيديو الأول الملتقط تفاصيل كثيرة لكنه وفقا للدخان المتصاعد، فتبين وقوع انفجار في الساحة الواقعة بالجهة اليسرى من بوابة المستشفى.
ومع مزاعم إسرائيل أن حركتي الجهاد وحماس أطلقتا الصاروخ فذهبت وسائل الإعلام الفلسطينية إلى تكذيب ذلك بأن شكل الانفجار يشبه الأشكال الأخرى للانفجارات التي يتعرض لها قطاع غزة من قبل الطيران الإسرائيلي، فضلا عن أن الذخيرة ليست من أنواع الذخيرة التي استخدمتها حماس.
الصور والفيديو التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية ومن بينها القناة 11 الإسرائيلية وادعت أنها لحادث مستشفى المعمداني إثر صاروخ حماس، تعود لعام 2022 وفق وسائل إعلام فلسطينية، لتؤكد تلك الأدلة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي هي من قذفت المستشفى خاصة بعد استهدافها نحو 20 منشأة طبية في قطاع غزة وفق بيان منظمة الصحة العالمية.
أستاذ علوم سياسية يسرد حقائق عن قصف مستشفى المعمداني
الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي، فند لـ«»، حقائق عن تلك المجزرة، مؤكدا أن ما بين الروايتين والاتهامات المتبادلة هناك حقائق، أولها نوعية الضربة والقصف هل تم من الأعلى؟ مشيرا إلى أن المستشفى من الداخل لم يدمر ولم يصبه شيء والضربات تمت في قطاعها ومستواها، وأن إسرائيل تقول إن هناك منصات إطلاق فوق المستشفى: «يعني حماس بتضرب منها صواريخ على إسرائيل مما يجعلها هدف، كما الحال في مناطق التماس المجاورة وبالتالي أصبحت في مرمى البصر»، وهو ما يؤكد أن إسرائيل قد تكون استهدفت المستشفى.
الضربة تمت قبل زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بساعات إلى إسرائيل، وهو ما وصفه أستاذ العلوم السياسية بأنه الهدف ورسالة ملغمة وجاءت في توقيتها، ويمكن أن يكون هدفها توتر العلاقات العربية الإسرائيلية، إذ إن هناك أهدافا ولأن التوقيت يثير الكثير من علامات الاستفهام، وتأكيدا على إدارة الأزمة وعسكرتها ومحاولة تشويه على أي لقاء عربي عربي وهو ما يثير الشكوك.
يجب تشكيل لجنة تحقيق دولية فيما حدث، وفق الدكتور طارق فهمي، مؤكدا أنه حتى الآن لم يتم تشكيل لجنة وهو ما يثير الشكوك أيضا، لأن ما حدث هو جريمة حرب وضد الإنسانية ولا تتسق مع القانون الدولي ولا إعلان روما لحقوق الإنسان، وأن تشكيل اللجنة هو تسجيل للجريمة الإسرائيلية.